على رغم شيوع الكذب في لبنان على امتداد رقعته الجغرافية، ومنه قد تُصدر الأكاذيب إلى دول المنتشرات، والعالم بأسره… كما وقد تُشوه الأخبار وتُختلق، لمجرد وصولها إلى لبنان… لقد باتت المقولة الشائعة “وعَيْب ع يللي بيصدُق”…
وفي المقابل، لا شيء من السهل تكذيبه عندنا، في البلد الذي إن وصفتَ الحياة فيه بجهنم… صدقْتَ!.
ماهيّة الكذبة؟
“كذبة أبريل“، أَو “كذبة نَيْسان”، أو يَوْم كذبة أبريل (بالإِنكليزيّة: April Fools’ Day)… لا همّ ما تُسمّى، فـ “الأصل النيّة”!.
يقولون إِنّها مُناسبةٌ تقليديّةٌ في عددٍ مِن الدُّوَل، تُوافِق الأوّل مِن شهر نَيْسان مِن كُلّ عامٍ، ويشتهر هذا اليوم، بخداعٍ بريءٍ تجاه الآخَرين، ولكنّ البراءَة تُنحَر عندنا!.
إِنّ كذبة نَيْسان لَيْست يومًا وطنيًّا أو مُعترَفًا به قانونيًّا كاحتفالٍ رسميٍّ، ولكنّها عندنا تُقارِب أن تكون مِن تُراثِنا، كصَحْن “التبّولة” وكأس العرَق!.
هي عند الآخرين يومٌ اعتادَ النّاس فيه على الاحتِفال وإِطلاق النّكات، ولكنّها تحلّ عندنا سمجةً، وتجعَل مِن مُطلقها خارج مُقتضى الحال!.
فرنسا وغريغوري 13…
لا حقيقة مُؤكّدةٌ لأَصل هذه العادة في “الكذِب البريء”. وقد رجّح بعض الآراء أن تكون هذه العادة بدأت في فرنسا، بعد تبنّي التّقويم المُعدَّل الّذي وضعَه شارل التّاسع في العام 1564 م.
ومِن ثمّ جاء البابا غريغوري 13، في نهاية القرن 16، وعدّل التّقويم ليَبْدأ العام في 1 كانون الثّاني. وكانَت احتفالات الأعياد تبدأ من 25 كانون الأوّل. وعندها أطلق النّاس على مَن ظلّوا يحتفِلون بحسب التّقويم القديم، تعليقاتٍ ساخرةً، لأنّهم يُصدّقون “كذبة أبريل”.
ولكنّ «قصص كانتربري» للكاتِب جيفري شوسر، قالَت إِنّ حكايات «كذبة أبريل»، تعود إِلى القرن 14، وقبل انتخاب البابا غريغوري 13.
إِنكلترا واسكُتلندا
إِنتشرت “كذبة نيسان” في إِنكلترا أيضا، في حُلول القرن 17 م. كما ويُطلَق على الضحيّة في فرنسا اسم “السّمكة” وفي اسكتلندا “نكتة أبريل”.
الهند
ويرى آخرون أنْ ثمّة علاقةً قويّةً بين الكذِب في أوّل نَيْسان، وعيد هولي المعروف في الهند، والّذي يحتفل به الهندوس في 31 آذار مِن كُلّ عامٍ.
وفي المُناسَبة، يقوم بعض البُسطاء بمهامٍ كاذبةٍ لمُجرّد اللهو والدّعاية ولا تُكشَف حقيقة أكاذيبهم هذه إِلّا مساء اليَوْم الأوّل مِن نَيْسان.
القُرون الوسطى
وثمّة جانبٌ آخَر مِن الباحِثين في أصل الكذِب، يرَوْن أنّ نشأة “كذبة نَيْسان”، تعود إِلى القُرون الوسطى، إِذ إِنّ شهر نَيْسان في هذه الفترة، كان وقت الشّفاعة للمجانين وضعاف العُقول. وفي المُناسَبة يُطلَق سراح المجانين، في أوّل الشّهر، ويُصلّي العُقلاء مِن أجلِهم…
باقي الدُّوَل
وثمّة باحِثون آخرون، يُؤكّدون أنّ كذبة أوّل نيسان، لم تنتشِر في شكلٍ واسعٍ بَيْن غالبيّة شُعوب العالَم، إِلّا في القرن 19.
باقي الدُّوَل
وثمّة باحِثون آخرون، يُؤكّدون أنّ كذبة أوّل نيسان، لم تنتشِر في شكلٍ واسعٍ بَيْن غالبيّة شُعوب العالَم، إِلّا في القرن 19.
إِستثناء…
لقد أصبَح أوّل نَيْسان، هو اليَوْم المُباح فيه الكذِب لدى كُلّ شُعوب العالَم، في ما عدا الشعبَيْن الإِسبانيّ والألمانيّ. والسّبب أنّ هذا اليَوْم مُقدّسٌ في إِسبانيا دينيًّا.
وأمّا في ألمانيا فهو يُوافِق يوم ميلاد «بسمارك» الزّعيم الألمانيّ المعروف.
https://www.youtube.com/watch?v=YY3w1GU4a8M
التربية على الصدق
وبعد كُلّ ما ورد أَعلاه… ماذا عن وجوب تأمين الحصانة للأطفال مِن آفة الكذِب الاجتماعية؟.
في هذا المجال تلجأ المدارس إلى غرس القيم في نُفوس الناشِئة، كما وربط فضيلة الصّدق بالدّين، أيّ دين كان، إِذ إِن كُلّ الأديان تحضّ على قَوْل الحقيقة!.
الكذبة في الإِعلام؟
المشكلة في لبنان أن الحقيقة ضائعة. يبحث عنها في “السراج والفتيل”… ولا تتجلى في كلّ صفحات الجريدة.
فلو أخذنا على سبيل المثال، عينة من أخبار ثلاث صحف صادرة في بيروت، السبت 1 نيسان 2023، فإننا نقرأنا الآتي عن الملف الرئاسي وزيارة “المرشح” سليمان فرنجية باريس:
– “النهار” أوردت: “تعثر” دعم فرنجية أم “استلحاق” الدور الفرنسي؟… وباريس أبلغت مرشح الثنائي الموقف السعودي من ترشيحه…
– “اللواء“: انقسام في شأن مهمة فرنجية في الأليزيه… زيارة فرنجية باريس: فرصة أخيرة والباقي يأتي…
– “الجُمهوريّة“: محادثات باريس لكسر التعطيل… ومصادر معارضة: نرفض أي تسوية تعيد استنساخ مسببات الأزمة عبر فرض رئيس للجمهورية خلافا لإرادة اللبنانيين… ولن يكون أمامنا سوى أن نواجه هذا المنحى…
أحجية الحقيقة
بالله عليكم، هل مَن يُغربل هذه الأخبار الواردة أعلاه، لمعرفة الصحيح مِن الكاذب منها؟… وما يتماشى منها مع “كذبة نيسان” – وكل يوم نيسان عندنا – أو ما يُشكل احتفاء بكذب متواصل على امتداد القطاعات كلها وعلى امتداد الوطن؟!.
هي أحجية، أين منها طلاسم الشاعر؟… والحقيقة الوحيدة هي: الله أعلم!.