يعد التعليم عن بعد نمط جديد من أنماط التعليم الذي انتشر مع بداية أزمة فايروس كورونا وفسح المجال لسوق التعليم الدولية، حيث لا تلعب حدود البلدان أي دور أو عائق أمام طالب العلم. كما أنه أحد أهم التقنيات الحديثة في مجال التعليم في شتى مجالات وفروع العلم، حيث لعبت آلية التعليم عن بعد دوراً هاماً ومحورياً في القضاء على الحواجز الجغرافية والعوائق المادية، كما ساعد في التخلص من جزء كبير من التعليم الحضوري في مراكز التعليم، وطبعا لا يخلو الأمر من مواجهة بعض التحديات والسلبيات.
مميزات التعليم عن بعد
يمثل التعليم وظيفة أساسية في المجتمعات البشرية، وتطورت أشكاله مع التطور التقني والتكنولوجي، حيث يعتمد التعليم عن بعد بشكل خاص على تقنيات الاتصال.
تميز التعليم عن بعد بالقضاء على الزمان والمكان، فالطالب يتعلم من أي مكان يتواجد فيه من خلال انخراطه في تطبيق يستخدام الإنترنت. كما ساهم التعليم عن بعد في القضاء على الإمكانيات المادية من خلال توفير المال وعدم اضطرار الطالب للسفر من أجل العلم ودفع تكاليف السفر أو حتى مواصلات التنقل من منطقة سكنه إلى منطقة تواجد المركز الدراسي الذي يريده، إذ يتواجد الطالب في مكان بعيد عن الجامعة فتكون المناقشات و المناظرات من بلاد ومناطق متعددة حول موضوع أو تخصص يدرسه، ويساعده على الاستفادة المتبادلة وهم منتشرون في مختلف أنحاء العالم الأمر الذي يساهم في نشر الثقافات المختلفة.
وقد خفف التعليم عن بعد الكثير من العناء والمشقة من خلال تقسيم الوقت بين العمل والدراسة، فلطالما كان يعاني الطلاب الذين يعملون من ايجاد الوقت المناسب للتوفيق بين أوقات الدراسة والعمل، فأتى التعليم عن بعض لحل هذه المشكلة من خلال رجوع الطالب الى الحصص وإعادة سماعها في وقت فراغه. بالإضافة إلى إمكانية التسجيل في دورات تعليمية في أي جامعة أو مركز متخصص في مختلف المناطق والبلدان.
سلبيات التعليم عن بعد
بالرغم من جميع التسهيلات التي وفرها التعليم عن بعد، إنما لا يخلو الأمر من مواجهة بعض التحديات والسلبيات. حيث يواجه التعليم عن بعد في الدرجة الأولى من سوء الانترنت خاصةً في لبنان . كما أن هذا الأسلوب من التعليم يؤدي للملل من خلال الجلوس وقت طويل أمام الأجهزة الالكترونية، وغياب التفاعلية، حيث لا يمكن اكتشاف مواهب وقدرات المتعلمين من خلال ضعف تفاعل المتعلم مع المعلم.
كما أن غياب التفاعلية في هذه العملية التعليمية يلغي فرصة تعرف الطلاب على بعضهم البعض، لأن معظم الطلاب من مختلف أنحاء العالم ولم يحدث اتصال مباشر بين الطلاب والأساتذة .
وبالرغم من أن التعليم عن بعد خفف التكاليف المادية، إلا أن هذا النوع من التعليم يحتاج إلى تكلفة عالية خاصة في بداية التأسيس وما يحتاجه من أجهزة تعليم متطورة وكذلك تكلفة الصيانة الفنية بالمراكز المتخصصة.
ويحتاج أسلوب التعليم عن بعد وقت أكثر في إعداد المقررات وتوصيفها توصيف دقيق، والمواد التفصيلية وكافة الوسائط التي يستند عليها المعلم. بالاضافة لحاجة المعلمين إلى التدريب على التقنيات المستخدمة في التعليم عن بعد لصعوبة استخدامه لبعض التخصصات التطبيقية، وصعوبة ايصال المعلومة خاصة لطلاب الهندسة والطب…
كما يلهي التعليم عن بعد الطلاب بمواقع التسلية والتوجه لللعب أثناء الجلوس أمام الشاشة والانشغال عن التعلم، مع إمكانيات حدوث حالات غش خلال أداء الإختبارات الإلكترونية.
التعليم عن بعد… ما بين تسهيل سبل الحياة والشعور بالإحباط
فريال جهير، طالبة لبنانية مقيمة في الإمارات اضطرت لإعادة الفصل الأول من العام الدراسي الماضي بسبب الظروف التي مرّ بها البلاد، فاضطرت للعودة إلى مكان إقامتها وعملها حيث لم يكن معروف مصير العام الدراسي. ولكن عند بدء التعليم عن بعد في بداية هذه السنة، تسهلت الكثير من الأمور لديها، فأصبح بإمكانها التسجيل من الإمارات وتيسير جميع أمورها من الخارج، إضافةً إلى عدم الحضور يومياً للحصص وتقديم الأبحاث عن طريق الانترنت.
فباتت الأمور أسهل بكثير عليها من السنة الماضية خاصة أن في دبي معتمدين التعليم عن بعد منذ أربع سنوات، أي لديها الخبرة والتجربة الكافية في أسلوب التعليم هذا.
أكملت جهير كلامها متمنية بقاء أسلوب التعليم عن بعد، من ناحية بقاء المغتربين مكان إقامتهم وتشجيع جميع المغتربين للإكمال في الجامعة اللبنانية، ومن ناحية دعم مادي للجامعة بوضع خطة أي دوبلة القسط الجامعي للمغترب خاصة في أزمة الدولار اليوم.
رافال صبري، طالبة ماجستير مقيمة في لبنان، سهل لها التعليم عن بعد التسجيل في دورات تدريبية خارج لبنان كالبحربن والامارات والسعودية.
قالت صبري خلال الحديث لموقع المراقب أنّ في الأوقات العادية لما استطاعت التسجيل في هذه الدورات لأنها تكون في مراكزهم، لكن خلال التعليم عن بعد استغلت هذه الفرصة التي سهلت عليها الحضور من خلال تطبيق الزوم.
إن التعليم عن بعد يسمح للكثير المشاركة في دورات خارج لبنان والعكس صحيح، فقد تكون لديهم معلومات جديدة والتعرف على أشخاص جُدد وتنوع الثقافات من خلال إنضمام أشخاص من مختلف أنحاء العالم.
بلهجتها المصرية تتحدث هبة محمد لموقع المراقب عن مشاعر الإحباط التي أصابتها بعد إقفال الحدود لمواجهة الجائحة. تقول الطالبة المصرية التي تتابع دراستها العليا في كلية الإعلام «شعرت أن حلمي يضيع وتعب سنة كاملة يتلاشى من دون أن أتمكّن من فعل شيء».
انتظرت هبة لأواخر عام 2020، لتُجري الامتحانات، عرّضت نفسها لمخاطر كثيرة جرّاء التنقل بين المطارات، وتكبّدت مصاريف عالية جداً.