الرئيسية / تحولات رقمية / الحرب الإلكترونية: سلاح خفيّ
الحرب الإلكترونية سلاح خفي يهدد العالم
الحرب الإلكترونية سلاح خفي يهدد العالم

الحرب الإلكترونية: سلاح خفيّ

لارا بعقليني

شهدت البلدان حروب ميدانية عدة، استخدمت فيها أسلحة كيميائية وذريّة. ونتج عن تلك المعارك عشرات الملايين من الجرحى والمشوهين واعتقال الأطفال والنساء. وأدى انشغال الآباء بالحرب انحلالاً في الحياة العائلية. كما برزت أزمات اقتصادية، فضلاً عن المشاكل النفسية نتيجة الخوف والتوتر المستمرين.

ثمّ أدّى التحوّل في مجال الإتصالات إلى تبلور فكرة الحرب الإلكترونية لتتفوق على النوع الميداني وتلقى رواجًا أكبر. وظنّ البعض أن  لهذه الحرب مخاطر أقل من تلك التي تستخدم فيها الأسلحة لأنها غير دموية. لكن ما دقة هذه النظرية؟

نشأة الحرب الإلكترونية

(صورة عن الإنترنت: جيوش الحرب الإلكترونية)

بأسلوب مبسط، الحرب الإلكترونية ميدانها الحاسوب، تهدف إلى تخريب المعلومات المتداولة في نظم الإتصالات المستخدمة من قبل الخصم وذلك يتم باستعمال الأشعة. مثلاً على ذلك إدخال فيروس معيّن على نظام إلكتروني للخصم لبث معلومات مغلوطة من خلاله.

استخمدت الحرب الإلكترونية للمرة الأولى خلال الحرب الأهلية الأمريكية عام 1861. فحاولت الأطراف المتنازعة اختراق أجهزة التلغراف لبعضها البعض بغرض كشف الخطط الحربية لكل طرف. ثمّ بدأ التشويش على الأجهزة التي استخدمت للتواصل بين السفن، لمعرفة خطط الدول المعادية خلال الحرب  العالمية الأولى. وتمكنت المخابرات البريطانية في اختراق الأجهزة اللاسلكية لألمانيا، مما ساهم في معرفة خططها وإفشالها. كما قامت بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية الممتدة بين سنة 1939 و1945، باستخدام الرادارات لكشف الهجمات الإلمانية ضد أهدافها والتشويش عليها لمنعها من تنفيذ خططها.

كما تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفياتي من ابتكار قنابل تفسد خطر الترانزستور لدى الخصم فتنقطع الإتصالات وتعم الفوضى.

أمثلة من القرن الحالي

(صورة مركبة للرئيس ترامب عن الإنترنت وهو يتلقى لكمات)

أطلقت الولايات المتحدة وإسرائيل فيروس “ستاكس نت” عام 2010 الذي تسبب بإلحاق الضرر بالتخصيب النووي الإيراني. بعدها هاجم الأمن الإلتكروني الأمريكي حواسيب في منظومة التحكم بالصواريخ الإيرانية في حزيران 2019. ووصفت واشنطن بوست هذه العملية بأنها طويلة وهدفها “شل” تلك المنظومة.  بدورها خرقت إيران موقع أمريكي حكومي، حيث نشرت فيه صورة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وهو يتلقى لكمات مع رسائل مؤيدة لإيران. وجاء هذا الإختراق ردًا على مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، حيث حذّر خبراء الأمن الإلكتروني من ردة فعل إيران في تنفيذها هجمات إلكترونية، قد تنتج عنها أضرارًا مالية وتهديدًا لأرواح الأمريكيين.

(صورة عن الإنترنت: الرئيس فلاديمير بوتين وهلاري كلينتون)

من ناحية أخرى، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عام 2016 الحرب الإلكترونية على الإنتخابات الرئاسية الأمريكية، بهدف فوز دونالد ترامب. فحاول الروس تشويه سمعة الوزيرة السابقة هيلاري كلنتون والتأثير في حظوظها الإنتاخبية. وبالفعل حمّلت كلينتون الروس سبب خسارتها بالتواطؤ مع مناصري ترامب. وتحدثت عن نشر معلومات كاذبة حولها على الإنترنت وإلى عملية نشر أوتوماتيكية لتغريدات ورسائل على مواقع التواصل الإجتماعي وإلى قرصنة رسائل إلكترونية. وأكدت هيلاري أن قبل شهر من الإنتخابات وبعد ساعة واحدة من كشف الصحافة الأمريكية عن تسجيل فاضح لدونالد ترامب، بثّ موقع ويكيليكس رسائل إلكترونية تمّت قرصنتها من بريد رئيس حملتها جون بوديستا.

(صورة من الإنترنت: فرض عقوبات على “تيك توك” و”يوتيوب”)

واليوم تشن روسيا حربًا إلكترونية على منصة “تيك توك”  و”يوتيوب“، فالأخيرة تعتبر من أهم المصادر الإخبارية في روسيا. وتحقق فيديوهات يوري داد، الموالي لبوتين، المعروف بلقاءاته بشخصيات مشهورة أو تلك التي ينشرها المعارض أليكسي نافالني، نجاحًا كبيرًا. وبعد توقف نافالني نشر فريقه تحقيقًا مدته ساعتين عن قصر فخم يطل على البحر الأسود قيل أنه للرئيس فلاديمير بوتين. وحظي التحقيق على أكثر من 65 مليون مشاهدة. وردّت سلطة الإتصالات الروسية “روسكومنادزور”، على موجة من الدعوات لتنظيم تظاهرات دعمًا لنافالني، بتهديد شبكات التواصل الإجتماعي بغرامات إذا لم تحذف محتوى يحرض القاصرين على المشاركة في الإحتجاجات. وأكّدت “روسكومنادزور” أن “تيك توك” حذف 38% من محتواه بعد هذا التهدبد.

وكانت قد صادقت روسيا عام 2019 على قانون لتطوير “الإنترنت السيادي” بهدف عزل “رونيت”، الشبكة الروسية، عن الشبكة العالمية. ويخشى النشطاء من أن هذه الخطوة ستعزز قبضة الحكومة على الفضاء الإلكتروني وتخنق حرية التعبير.

أخيرًا، يتضح أن الحرب الإلكترونية ليست أقل خطورة من تلك التقليدية. صحيح أن ليس هناك دماء، لكن الأثر النفسي التي تركز عليه هذه الحرب أخطر بكثير. فلا أحد يستطيع معرفة ما يمكن أن تكون تداعيات هذا الأذى، والتوتر والقلق الزائدين إن كان على صاحبها أم على الطرف الآخر.

عن لارا بعقليني

لارا بعقليني، طالبة إعلام رقمي -ماجيستير 2 في الجامعة اللبنانية. حاصلة على إجازة في الصحافة سنة 2019 من الجامعة اللبنانية، كلية الإعلام -الفرع الثاني.
x

‎قد يُعجبك أيضاً

شريحة ال E Sim ثورة في عالم الاتصالات

شريحة ال e sim تزايد اهتمام شركات الاتصالات الهاتفية الجوالة بتقنية eSIM للهواتف الذكية، وكثر الاهتمام بالعملاء ...