الرئيسية / تحولات رقمية / الذكاء الاصطناعي يهدد بفناء البشرية؟
(صورة عن الانترنت: الذكاء الاصطناعي يهدد البشرية؟)
(صورة عن الانترنت: الذكاء الاصطناعي يهدد البشرية؟)

الذكاء الاصطناعي يهدد بفناء البشرية؟

Table of Contents

لارا بعقليني

أدّى تطور التكنولوجيا إلى اتّساع الأفكار والمخيّلات، فكل مستحيل أصبح ممكنًا. منذ زمن، لم يكن أحد يتصور أن تحل الأشياء مسائل بشرية. لكن مع التقدم العلمي تحقق ما لم يكن بالحسبان، وأصبح الكون يتكلم فعليًّا بما يعرف بـ”الذكاء الاصطناعي”.

يظن البعض أن هذا الذكاء ظهر في القرن الحالي. لكن في الواقع تعود أولى إشاراته مع آلان تورينغ، عالم بريطاني، الذي ساهم بوضع أسس النظرية الحديثة للحوسبة وكيفية تطوير آلات قادرة على معالجة المعطيات بشكل ذكيّ. وبدأ يتبلور هذا الذكاء رسميًا مع جون مكارثي، عالم من جامعة أم آي تي، سنة 1956 في ورشة عمل عقدت في كلية دارتموث. وكان مكارثي أول من أطلق مصطلح “الذكاء الاصطناعي”. لكن ما معنى هذا المصطلح؟  هو اتباع الآلات لخوارزميات (عملية محددة تسمح بحل المشكلات) وطرق معالجة ذكية، أي تبرهن الآلة قدرتها على تحسين طريقتها الخاصة بحل المشاكل وتوفير الحلول. وذلك عبر التعلم من التجارب المتتالية التي تمرّ بها. لكن ما هو تأثير هذا الذكاء على البشر؟

تعزيز القدرات البشرية

( صورة عن الإنترنت: Max IA رويوت أبتكرته شركة Veolia)

ساعد الذكاء الاصطناعي في مجالاتٍ عدة وساهم في تطوير القدرات البشرية. فاستخدم هذا الذكاء لتخفيف النفايات المتناثرة في الطبيعة. فيمكن تثبيت كاميرات ذات تميّز بصري، تحدد تلقائيًا أي مادة ملوثة عند تفريغ مكبات النفايات، وترسل تنبيهًا بحيث يمكن إزالتها قبل الحرق. مثال على ذلك: نفذت شركة Veolia روبوتًا Max IA بهدف زيادة كميات النفايات المصنفة.

ومن الجانب الإنساني، مكّن الذكاء الاصطناعي ذوي الإحتياجات الخاصة بالحصول على الإستقلالية والإنتاجية. مثلاً طور ساكيب شبيخ، مهندس برمجيات، تطبيق “الذكاء الاصطناعي لمساعدة المكفوفين” الذي يقوم على وصف مشهد العالم من حول المستخدم. ويذكر أن المهندس فقد نظره عن عمر سبع سنوات. ويمكن إستخدام تطبيق “soundscape” الذي يسمح للفرد من استكشاف العالم عن طريق تجربة صوتية ثلاثية الأبعاد.

كما يمكن إستعمال هذا الذكاء من أجل دعم الفئات المهمشة في المجتمع. حيث عقدت مؤسسة “Sage” شراكة مع معهد مدينة سول للعدالة الإجتماعية في جنوب إفريقيا بهدف إطلاق تطبيق “rAInbow”. يعمل هذا التطبيق على مساعدة ضحايا العنف الأسري في معرفة حقوقهم وخيارات الدعم المتاحة لهم إضافة إلى الأماكن التي يمكن أن يتلقوا فيها المساعدة.

ودخل الذكاء الاصطناعي أيضًا في مجال الطب. ومن أبرز فوائده: تقليل الأخطاء بسبب دقته. فيتمكن الروبوت Watson من تحليل جميع بيانات المريض مثل الأعراض، الإستشارات الطبية، التاريخ الصحي للعائلة ونتائج الإختبارات. كما يمكنه مناقشة الأطباء لدعمهم في صنع القرار. ويمثل هذا الذكاء أداة مثالية في علم الأورام بسبب صياغته لفرضياتٍ تشخيصية وعلاجية. وإن الآلات الذكية لا تعرف التعب، فهي مبرمجة للقيام بساعات عمل طويلة وبشكل مستمر طالما ليست معطلة.

الذكاء الاصطناعي خطر على البشرية

يسلّط الضوء أحيانًا على إجابيات وفوائد الذكاء الاصطناعي، وتارةً على السلبيات التي تصور هذا الذكاء على أنه عدو البشرية.

(صورة عن الإنترنت: إيلون موسك رئيس شركة “تيسلا”)

حذّر بعض العلماء من تداعيات هذا الذكاء. فوصف إيلون موسك، رئيس شركة “تيسلا” لإنتاج السيارات الكهربائية وشركة “سبيس أكس” الخاصة بالفضاء، الذكاء الاصطناعي بأنه أكبر تهديد للوجود البشري وشبّه الآلات التي تفكّر، بالأسلحة النووية أو بـ”الشيطان”. 

(صورة عن الإنترنت: عالم الفزياء البريطاني ستيفن هوكينغ)

وأصرّ ستيفن هوكينغ، عالم فزياء الفلك البريطاني، على أن ابتكار أجهزة حاسوب تمتلك عقولاً خاصة بها، يمكن أن يودي بالجنس البشري.

وأظهر استطلاع رأي أجراه نيك بوستروم، فيلسوف ومؤلف، عن اعتقاد العلماء بأن العلم لن يحقق مستوى رفيعًا من ذكاء الآلات قبل عام 2075. وبعد ذلك بثلاثين عامًا، يمكن إبتكار آلات ذات ذكاء فائق ربما تتفوق على الذكاء البشري. لكن 21% من هؤلاء العلماء أكّدوا أن ذلك لن يتحقق.

صحافة الروبوت

(صورة عن الإنترنت: صحافة الرويوت)

بدأ الذكاء الاصطناعي يتغلل أكثر في المجال الإعلامي، وأصبح يتوجب على الصحافيين تطوير مهاراتهم للتأقلم مع هذه البيئة الجديدة.

اختُرع الروبوت الإعلامي من قبل سفير كير جوهانسون، وهو مدرس سويدي. فنجح هذا الروبوت في انتاج حوالي 2.7 مليون نص مكتوب على موقع ويكيبيديا. وبعد تطور هذا المجال، تمكنت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز”، في 12 آذار 2014، من بثّ تحقيق بعد ثلاث دقائق فقط على ضرب زلزال لولاية كاليفورنيا الأمريكية. إذ نجح الروبوت، الذي أنشأه الصحافي والمبرمج كين شوينكي من تقديم قصة خبرية متكاملة عن الزلزال. وأعربت صحيفة “واشنطن بوست” عام 2016 عن استعانتها بالروبوت “هيلوغراف” في كتابة تقارير قصيرة. وساعد هذا الروبوت الصحافيين في تغطية بعض الأخبار المتعلقة بالكونغرس الأمريكي وألعاب كرة القدم. وتشير مصادر الصحيفة إلى أنها نشرت، أثناء الإنتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2012، فقط 15% مما نشر عام 2016 باستخدام الروبوت.

ويبقى السؤال الأبرز: هل الآلة ستحل محل الصحافيين؟ يبقى عمل الروبوت إلى حد الآن محدودًا. فإن المجالات التي يغطيها تقتصر على النشاطات الإخبارية. ولاتتمكن صحافة الروبوت من تقديم التحليل، التحقيق والإستقصاء . وإن ضمّ الروبوت إلى العمل الصحافي يتطلب وضع مواثيق أخلاقية جديدة تتحمل فيها المؤسسة ما يترتب على أخطاء الدقة، التوازن، الشفافية وغيرها. كما أن الروبوتات لا يمكن أن تكون بنفس درجة الإبداع للإنسان، ولا تستطيع  من الخروج إلى الميدان وإجراء المقابلات مع الناس. والأهم أن هذا النوع من الصحافة لا يمكنها تطبيق الأخلاقيات المهنية التي يتركز عليها العمل الصحفي.

أخيرًا، إلى اليوم لم تسن قوانين واضحة وصريحة متعلقة بالمحاسبة الجنائية في مجال الذكاء الاصطناعي. وتأتي الآلة لمساعدة البشر من أجل إنتاجية أفضل. لكن يكمن الإستناج أن كل مجال بحاجة للقعل والإبتكار الإنسانيّ والأهم إلى المشاعر الإنسانية، لأن ليس كل المسائل تنحل فقط بالفكر.

عن لارا بعقليني

لارا بعقليني، طالبة إعلام رقمي -ماجيستير 2 في الجامعة اللبنانية. حاصلة على إجازة في الصحافة سنة 2019 من الجامعة اللبنانية، كلية الإعلام -الفرع الثاني.
x

‎قد يُعجبك أيضاً

شريحة ال E Sim ثورة في عالم الاتصالات

شريحة ال e sim تزايد اهتمام شركات الاتصالات الهاتفية الجوالة بتقنية eSIM للهواتف الذكية، وكثر الاهتمام بالعملاء ...