كريستين مهنا
مع ظهور الصحافة الرقمية والاعلام البديل، أصبح نطاق حرية التعبير غير واضح فيما يتعلّق بحدود وقيود النشر عبر #الانترنت. من هنا، يطرح العديد من #الصحافيين والناشطين في لبنان أسئلة كثيرة حول حرية التعبير وشرعية استدعاء الصحافيين بسبب منشوراتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الاعلامية الرقمية.
فما هي حدود حرية التعبير في الصحافة الالكترونية وما مدى قانونية ملاحقة الصحافيين جرّاء النشر الالكتروني في لبنان؟
حرية التعبير حق من حقوق الانسان
أولاً، لا بد من الاشارة أن #حرية_التعبير حق أساسي من #حقوق_الإنسان على النحو المنصوص عليه في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تشير الى أنه: ” لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.”
من هنا، وبما أن #لبنان ملتزم بمواثيق الاعلان العالمي لحقوق الانسان، فانه كدولة طرف في هذه المواثيق يتعهّد أن يضمن لمجتمعاته مراعاة حقوق الإنسان والحريّات الأساسيّة واحترامها، وهي تسمو على #القوانين العاديّة للبلدان المعنيّة بها.
حرية التعبير مكفولة في الدستور اللبناني
تنص المادة 13 من الدستور اللبناني على أن “حرية ابداء الرأي قولاَ وكتابة، وحرية الطباعة، وحرية الاجتماع، وحرية تأليف الجمعيات، كلها مكفولة ضمن دائرة القانون”. اذاَ، كيف يمكن تحديد دائرة القانون هذه؟
ان حرية التعبير غير مقيّدة بحدود معيّنة بحسب الاعلان العالمي لحقوق الانسان الّا أن سقف حريات الصحافة المطبوعة في القانون اللبناني يحدّد بدعاوى القدح والذم من الشخص المتضرّر. المعضلة هنا هي أن حرية التعبير في الصحافة الاكترونية تحديداً تغيب في #قانون محكمة المطبوعات مما يساهم في صعوبة حمايها أو شملها مع قانون المطبوعات.
انتهاكات حرية التعبير في الصحافة الالكترونية
ساهم غياب هيكلية واضحة للاعلام الاكتروني في لبنان في ارتفاع عدد انتهاكات حرية التعبير في الفترة الأخيرة، بالتالي فان حقوق الصحافيين وحقوق الانسان أصبحت في خطرٍ كبير. وثّق أعضاء تحالف الدفاع عن حرية التعبير في لبنان ارتفاعا مقلقاً في عدد الاعتداءات إثر المظاهرات التي اندلعت وعمّت البلاد في 17 تشرين الأول 2019، حيث تم استدعاء ما لا يقلّ عن 60 شخصاً، منهم صحافيين وناشطين، للتحقيق معهم بسبب منشوراتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
تشرح جوزيان نون، مديرة البرامج في المركز اللبناني لحقوق الانسان، أن الانتهاكات تمتد من استدعاء الصحافيين اثر منشوراتهم عبر مواقع التواصل الى انتهاك الحقوق في الخصوصية وتفقد حسابات مواقع التواصل الاجتماعي دون أمر قضائي، وفرض التوقيع على تعهدات بعدم كتابة محتوى أو ايزالنه قبل المثول أمام القاضي وتقديم دفاعهم، وأحيانا دون توجيه أي تهم الى المدّعى عليهم.
بالاضافة، فان التوقيف الاحتياطي يقوم أحياناً على خلفية تهم التشهير، وهو أمر لا يُسمح به قبل المحاكمة في لبنان إلاّ على الجرائم التي يعاقب عليها بالحبس لأكثر من سنة.
أسباب ازدياد انتهاكات حرية التعبير في الصحافة الالكترونية
يكمن السبب الأساسي لارتفاع #انتهاكات حرية التعبير في الصحافة الاكترونية في غياب سياسات واضحة تحمي الحقوق عبر المواقع الاكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بالدرجة الأولى على الرغم من اقتراح مشروع قانون جديد للإعلام في البيان الوزاري لحكومة الرئيس حسّان دياب، وفي عدم الاعتراف بشرعية وقانونية الاعلام الاكتروني كإعلام له خصوصياته وإستقلاليته وفنيّته بالدرجة الثانية.
بالتالي، فتسهل الاستنسابية في استخدام وتفسير قوانين #القدح و#الذم عندما يتعلّق الأمر بالنشر الالكتروني حيث تستغل الشخصيات النافذة ذلك لاستدعاء الصحافيين.
كيف يمكن حماية حرية التعبير في الصحافة الالكترونية؟
بالدرجة الأولى، يجب تفعيل قانون مشروع قانون جديد للإعلام يحدّد المرجعية القانونية للاعلام الالكتروني ويحمي #الصحافيين من جميع أنواع القمع غير المبرّر أو القانوني في لبنان. من ناحية أخرى، يجب العمل من قبل القضاء اللبناني وليس سواه على حماية الصحافيين بحسب حرية التعبير المنصوص عليها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان وحصر استخدام قوانين القدح والذم بالجرائم التعبيرية التي تحرّض على الكراهية القومية أو العنف.
يتم استغلال تجريم القدح والذم في لبنان لقمع حرية التعبير بدلاً من استخدامها في حال حدوث ضرر حقيقي، مما يساهم في الحد من حرية التعبير في الصحافة الاكترونية، وغياب أخلاقيات المهنة عبر العالم الرقمي، وشرعنة الاعتداء على الصحافيين والحد من حريتهم دون أي اطار واضح وسليم. فلماذا لا نعطي الاعلام الالكتروني ما يستحقه من أسس واضحة وسليمة تساهم في تنظيمه وحماية الصحافيين عبره؟