فاطمة عبد الجواد
في الوقت الذي تتسارع فيه حملات التطعيم ضد فيروس كورونا في مختلف دول العالم، وسط توصيات من منظمة الصحة العالمية بتوزيع عادل للقاح، وإعطاء الأولوية للفئات العمرية والفئات الأكثر تعرّضاً للخطر، برز في لبنان أصوات تطالب بحصر إعطاء اللقاح للبنانيين، واستثناء باقي المقيمين على الأراضي اللبنانية.
ومع ترقب وصول لقاح “فايزر” إلى لبنان وانطلاق حملات التطعيم ضد الفيروس بداية شباط/فبراير الجاري، وفق شروط علمية تعتمد مبدأ الأولوية الصحية، تصدر وسم “#اللقاح_للبناني_أولا” على منصة “تويتر”، الأمر الذي أثار موجة من الجدل والإستياء لما تم وصفه بـ “الخطاب العنصري”.
حملة عنصرية تحت وسم “#اللقاح_للبناني_أولاً”
لاقت حملة “#اللقاح_للبناني_أولاً” التي انطلقت على موقع التواصل الإجتماعي “تويتر”، تفاعلاً كبيراً بين رواده.
ولم تقتصر الحملة على ناشطين ومواطنين فقط، بل برزت فيها تغريدات لمسؤولين حزبيين، بينهم عضو المكتب السياسي في التيار الوطني الحر، المحامي وديع عقل، الذي اقترح عبر تغريدة له على تويتر أنّ يتم دفع ثمن اللقاح نقداً وبالدولار الأميركي من أجل تأمين عدد أكبر من اللقاحات للبنانيين حصراً.
وعلى غرار عقل، حثّ الناشط السياسي في التيار الوطني الحر، ناجي حايك، عبر تغريدة له، على عدم تلقيح من أسماهم بـ “الغرباء” إلا مقابل دفعهم بدلاً مالياً، زاعماً أنّه “لا يوجد بلد في العالم يسمح بتلقيح أي شخص موجود على أرضه قبل المواطن“.
وبالتالي كان لتغريدات المسؤولين السياسين في لبنان، أثراً كبيراً وواضحاً على المجتمع، إذ انضم عشرات اللبنانيين إلى الحملة.
إطلاق حملة مضادة تحت وسم “#اللقاح_للجميع”
وسرعان ما واجهت تغريدات ناجي وعقل وغيرهم من المغردين، ردوداً من بعض رواد مواقع التواصل الإجتماعي، منها رد الصحافي واللاجئ في لبنان محمد أبو الخير، الذي استهزء من الرجلان بتغريدة له نشرها على صفحته على تويتر، قائلاً: “بس يوصل الصبي منصلي عالنبي، ليش مبلشين الحملة عبكير. أنا كفلسطيني الأونروا مسؤولة عني، ما في داعي للهلع.” وأضاف “على فكرة ما فيك تكون وطني وعديم الإنسانية بنفس الوقت.”
وأرفق تغريدته بوسم “#اللقاح_للجميع”، كرد فعل على الحملة العنصرية.
كما لقي هذا النوع من التغريدات غضباً في تفاعلات اللبنانيين على موقع تويتر، إذ ندد الكثير بما وصفوه بـ “العنصرية المفرطة“.
تدخل منظمة إنسانية دولية ضد الحملة العنصرية
اللجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان التي تسعى دوماً للحفاظ على قدر من الإنسانية، لم تتخذ موقفاً ساكناً تجاه الحملة، بل شددت في تغريدة لها على “وجوب توزيع لقاح كورونا بشكل متكافئ على كل فئات المجتمع، مع التركيز على الأكثر عرضة للإصابة والأكثر تأثراً بالمضاعفات“.
كما دعت إلى “عدم التفرقة في حماية أرواح البشر بين الأغنياء في المدن والفقراء في المجتمعات الريفية، والمسنين في دور الرعاية والشباب في مخيمات اللاجئين“.
أصداء الحملة تصل إلى السعودية
ووصلت أصداء الحملة “العنصرية” إلى السعودية، حيث غرد البعض تحت الوسم ذاته مطالبين حكومتهم بمنع تلقيح المقيمين في المملكة، بينما عارض البعض هذا الأمر.
وتزامن ذلك مع ظاهرة سفر عدد من اللبنانيين، بينهم بعض الفنانين والسياسيين، إلى الإمارات للتطعيم، فضلاً عن تطعيم عدد كبير من الجالية اللبنانية في الخليج كغيرها من الجنسيات، عملاً بتعليمات وتوجيهات أجهزة الصحة في هذه الدول.
ختاماً، من الواضح أن قضية ترقب وصول لقاح كوفيد-19 إلى لبنان، وانطلاق حملات التطعيم ضد الفيروس، أثارت جدلاً كبيراً في أوساط المجتمع اللبناني، الذين اتخذوا منصة “تويتر” كساحة رقمية لتراشق الآراء فيما بينهما؛ بعضها نشرت تحت وسم “#اللقاح_للبناني_أولاً” وحملت طابعاً عنصرياً، وبعضها الآخر جاء مضاداً للوسم الأول، وأرفقت بوسم “#اللقاح_للجميع”.
كما يمكن استنتاج قوة تأثير بعض الشخصيات على الرأي العام عبر مواقع التواصل الإجتماعي، لا سيما “تويتر”. إذ تبين بعد عملية رصد وتدقيق في التغريدات، تفاعُل العشرات مع الحملة العنصرية والتي أطلقها الناشطان السياسيان وديع عقل وناجي حايك.
هذا وقد أثبتت النتائج، قوة تأثير مواقع التواصل الإجتماعي، وتحديداً “تويتر”، خارج حدود المجتمع نفسه، وتحويل القضية إلى قضية رأي عام. فقد لاحظنا التفاعل الواسع مع حملة “#اللقاح_للجميع”، من قبل الجمهور السعودي، الذين نددوا بما وصفوه “العنصرية المفرطة” ضد اللاجئين في لبنان.
أضف إلى ذلك قوة تأثير تويتر على حث جهات دولية للتدخل، كما لاحظنا، تدخل اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومشاركتها بالحملة المضادة.