يعد اليوتيوب واحداً من أكثر المواقع جذباً للاطفال. وذلك لاحتوائه على فيديوهات متنوعة لا تعد ولا تحصى، فتلجأ الأمهات إلى هذا الموقع لإشغال وإلهاء أطفالها ريثما تنهي أعمالها المنزلية. لكن الكثير منهن لا تعلمن أن اليوتيوب ليس مخصصا للأطفال، لتنوع محتواه الذي لا يراعي فئة الأطفال والذي صمم في الأساس ليتناسب مع من هم بعمر الثالثة عشر وفوق، أي أن الشركة نفسها ليست موجهة للأطفال ما دون الثالثة عشر والذين يحتلون مكانة كبيرة بين فئات المشاهدين على يوتيوب!
قناة “كراميش” تحرض على العنصرية لدى الأطفال
تعتبر قناة كراميش الأردنية قناةً موجهة للأطفال، وتنشر أناشيدها على قناتها على يوتيوب. ولكن المثير للجدل والذي أحدث بلبلة كبيرة لدى الناس الذين شنوا حملة على مواقع التواصل الاجتماعي ضد “كراميش”، هو اصدارها أغنية “الخدامة” عبر حسابها على موقع “يوتيوب” في أواخر سنة 2020، حيث يظهر في الفيديو فتاة صغيرة تغني وتشتكي من العاملة المنزلية في بيتها الذين نعتوها “بالخدامة”، والتي تستمر بخلق الأعذار لتفادي العمل قائلة: “عندنا خدامة كل يوم تعمل موال مرة مو حابة تشتغل، مرة جيبولي جوال”.
ويؤدي دور العاملة المنزلية طفلة أخرى ترتدي الحجاب وتغني أعذارها وتستعطف ربة المنزل بلهجة أجنبية وتقول: “انا ياخد تيكت عشان يسافر خليج بس أنا ما يبي يشتغل أنا أبي هروب، بابا أنا يبي فلوس بنتي مريضة متعوس، يشتغل أنا ليل نهار لازم يحول دولار”.
بعد موجة الغضب الكبيرة والانتقادات حول مضمون المحتوى المقدم للأطفال والذي يزرع الكراهية والعنصرية داخلهم تجاه العاملات الأجنبيات والسخرية منهم، ما ينتهك حقوق الانسان، قامت قناة “كراميش” بإزالة الفيديو بعدما حصد أكثر من ستة ملايين مشاهدة، وقامت بالاعتذار من الجمهور. ولكن هل يمكن لاعتذار القناة أن يزيل التأثير النفسي من نفوس وعقول الست ملايين طفل الذين شاهدوا الفيديو؟!
قنوات “الأطفال” على اليوتيوب غير صالحة لهم
يمكن أن يتعرض الأطفال لحوادث كثيرة إثر تلقيهم لمحتويات اليوتيوب غير الآمنة لأعمارهم والذي قد يعرضهم لخطر كبير، ومن هذه الحوادث قصة حدثت مع شقيقتان هما ايلين وايفا ذات الثلاث والخمس سنين، والذي توجه موقع المراقب إلى منزل والدة إيلين لتخبرنا حقيقة ما حصل، حيث أوضحت والدة ايلين أنها منعت طفلتيها من متابعة قناة شفا بعدما تفاجئت بالمحتوى الذي شاهدته على قناتها والذي لا يجب أن يقدم للاطفال، فقالت: أصبحوا بناتي يقلدون كل ما تفعله شفا ووصل الوضع إلى مرحلة أنني كنت على وشك أن أفقد ابنتاي اللتان قامتا بوضع صدف في أنفهما بعدما قاموا بمشاهدة فيديو لشفا وهي تضع في أنفها وأذنها حبيبات من الشوكولا، حيث أن مجرى التنفس لدى ابنتي الصغيرة كاد أن ينقطع وأصبت بالذعر الشديد عندما رأيتها تختنق ولا تستطيع التنفس. ايلين لأنها أكبر وأكثر نضوجاً استطعت سحب الصدف الصغير من أنفها دون أن تتحرك، ولكن الأمر لم يكن بهذه السهولة مع ايفا، لأنها تتحرك كثيراً ومن شدة خوفها وشعورها بالألم واختناقها شعرت بالعجز أمام هذا الموقف، ولكن غريزة الأمومة جعلتني أخرج جلّ طاقتي لانقاذ طفلتي الصغيرة من الموت.
وتضيف الأم قائلة: لاحظت أن سلوك البنات قد تغير للأسوأ، فقد تأثروا بسلوك شفا التي ترفض كل ما تقوله أمها لها وتردد على لسانها عبارة “ما بددي ما بددي ما بددي”، فأصبحوا بناتي لا يسمعون الكلام ويرفضون كل ما أطلبه منهما مرددين عبارتها “ما بدي” على كل شيء.
محتوى شفا ليس ملائم للأطفال لأنه يعلمهم السلوكيات الخاطئة وتبعدهم عن المبادىء والقيم الصحيحة، خاصة أن معظم جمهورها من فئة الأطفال. لذلك منعت ابنتاي من متابعتها وفرضت عقوبة على من يتابعها دون علمي لما لديها .من تأثير سلبي على سلوك بناتي التي لا أريد أن يتشبهوا بها وبأخلاقها
أيضاً هناك قناة “ريما” كانت تتابعها ابنتي الكبيرة وأصبحت تستيقظ ليلا من الكوابيس التي تراودها، وأصبحت تشاهد ريما في أحلامها ليلاً وتستيقظ وهي تبكي، وعندما سألتها عن السبب أخبرتني أنها قد حلمت بريما التي تلعب لعبة رعب وأنها تلاحقها في المنام، حتى أنها وصلت إلى مرحلة أن ترفض الخلود للنوم ليلا خشية من أن تراودها تلك الكوابيس. لذلك أنصح جميع الأمهات أن يتابعوا أبناءهم ويراقبوا المحتوى الذي يشاهدونه لأن اليوتيوب عالم مظلم مليء بالخطورة.
مخاطر اليوتيوب على الأطفال
تكلمت المعالجة النفسية الدكتورة “خلود الخنسة” مع المراقب عن خطورة اليوتيوب على الأطفال، فقالت: هناك الكثير من الأهالي الذين يتركون أبنائهم الذين لم يتجاوزوا السنة ونصف، مع الهاتف ليشاهدوا الفيديوهات المتنوعة، من أجل إشغالهم أطول وقت ممكن بغرض إنهاء الأعمال المنزلية أو إما كي ترتاح الأم من الاهتمام بطفلها قليلاً. لكن المشكلة التي لا يعلمها الأهل أنه بهذا العمر تحديداً يكون الطفل بحاجة للاهتمام وللتفاعل معه، كما ويعتقد الأهل أن الطفل سعيد بمشاهدته للرسوم المتحركة ولكنه يكون فقط سعيد بالألوان والأشكال التي يراها أمامه، ولكن ليس باستطاعته أن يفعل رموز لهذه الألوان وللعالم الحقيقي الذي أمامه لأنه لم يكتشفه بعد بسبب قضاء وقته خلف شاشة الموبايل.
لهذا الشيء تأثير كبير على اللغة لدى الأطفال، فالطفل الذي يتركه والداه يقضي وقته على اليوتيوب نراهم يشكون بعد مدة من أن أبناءهم لم يتكلموا بعد رغم أنهم في عمر يجب أن يتكلموا به، والسبب الرئيسي لهذا هو غياب التفاعلية مع المحيط وقضاء وقته على اليوتيوب الذي لا يستطيع دماغه اعطاء معنى للصور التي يشاهدها، كما أن الطفل قد يشعر بالاهمال العاطفي منهم ويصبح لديه ضعف بتقدير الذات لديه.
أما الطفل بمرحلة ما قبل المدرسة فيحاول قدر استطاعته التعلق بمهارات حسية، هذه الأنماط الحسية هي التي تجعله يتفاعل اجتماعياً، فالتفاعل اجتماعياً وادارة العاطفة لدى الطفل هما ما يجعلانه يستطيع التعامل مع الأشخاص ومع المواقف، فعندما يتعلق الطفل بالهاتف أو بالتلفاز لن يصبح لديه تطور اجتماعي وتطور عاطفي لأن الصور التي يشاهدها لا رموز لها لأنها عالم افتراضي.
كما أن هذا الطفل أيضاً سيتعرض للسمنة بسبب جلوسه لمدة طويلة وتسلية نفسه بالطعام، كما سيقلد ما يشاهده الأمر الذي قد يعرض حياته للخطر إذا ما استخدم أدوات حادة. في هذا الوقت مجرد تعلق الطفل بالشاشة سيصبح طفل عدائي وسيتغير سلوكه ولن يستطيع التعامل مع العالم، فالكثير من الأهل يتسائلون عن سبب عدوانية أطفالهم وصراخهم عندما يتكلم معهم أي شخص أو حتى عن سبب اختبائهم خلف الأهل عند التكلم مع الناس، لأن الطفل لم يعد طبيعيًّا بسبب عدم تعامله مع الأشخاص وغياب التفاعلية التي يجب أن يتلقاها من أهله.