الرئيسية / تحولات رقمية / الجرائم الالكترونية: أنماط مستحدثة من الأفعال الإجرامية
الجرائم الالكترونية و الأدوات التي تستخدم لارتكابها- صورة أخذت من الانترنت

الجرائم الالكترونية: أنماط مستحدثة من الأفعال الإجرامية

بالرغم من الفوائد الجمّة التي وفّرتها الثورة العلمية التكنولوجية في مجال المعلومات و الاتصال، إلّا أنّ الاستخدام المتنامي لهذه التقنيات انطوى في الوقت نفسه على بعض الجوانب السلبية التي باتت تشكّل خطرا للأمن و الاستقرار في المجتمع جرّاء استغلالها للقيام بأعمال غير مشروعة تضرّ بمصالح الأفراد و الجماعات. و هذا ما سمح بظهور نمط جديد من الجرائم سمّي ب ” الجرائم الالكترونية” أو ما يعرف ب “cybercrimes”.

ما هي الجرائم الالكترونية؟

تتشابه عناصر الجرائم الالكترونية  مع الجرائم العادية من حيث الفعل و وجود الجاني و الضحية إلا أنّ أداة الجريمة هي العنصر المختلف بحيث أنّ الجرائم الالكترونية تعتمد بشكل أساسي على وجود الحاسب الآلي الذي يشكّل وسيلة ضرورية لارتكاب هذه الجرائم. و قد تعددت أسماء الجرائم الالكترونية للفعل نفسه و منها: الجرائم الرقمية، الجرائم المعلوماتية،الجرائم السيبرانية، جرائم الانترنت،جرائم الحاسب الآلي، جرائم الهاكرز، الغش المعلوماتي، جرائم أصحاب الياقات البيضاء، الاختراقات،القرصنة، Hackers، cybercrimes.

أنواع الجرائم الالكترونية

تضم الجرائم الالكترونية أربعة أنواع تختلف في كل منها الجهة المتضررة، و هي مقسّمة على الشكل التالي:

1- جرائم تسبب الأذى للأفراد

  • انتحال الشخصية
  • تشويه السمعة
  • تهديد و ابتزاز

2- جرائم تسبب الأذى للمؤسسات

  • اختراق الأنظمة
  • تدمير النظم

3- جرائم الأموال

  • الاستيلاء على حسابات البنوك
  • انتهاك حقوق الملكية الفكرية و الأدبية

4- الجرائم التي تستهدف أمن الدولة

  • برامج التجسس
  • الإرهاب الالكتروني

خصائص الجرائم الالكترونية

  1. سرعة التنفيذ بحيث أنّ الجريمة لا تتطلب الكثير من الوقت بل تنتهي بضغطة واحدة على لوحة المفاتيح
  2. التنفيذ عن بعد، فالجريمة الالكترونية لا تتطلب وجود المجرم في مكان الجريمة بل يستطيع تنفيذها من دولة إلى دولة إن أراد ذلك سواء كان من خلال الدخول للشبكة المعنية أو اعتراض عملية تحويل مالية أو سرقة معلومات هامة أو تخريب.
  3. جرائم ناعمة عكس الجرائم التقليدية التي تتطلب ممارسة العنف أو استخدام الآلات الحادة، فمثلا عملية السطوعلى أرصدة بنك لن تستنزف أي خسائر بشرية أثناء نقل البيانات من حاسب إلى آخر مقابل السطو التقليدي الذي يمكن أن يؤدي إلى اشتباكات أو إطلاق نار مع رجال الأمن.
  4. صعوبة إثبات الجريمة الالكترونية لأن المجرم لا يترك وراءه أي دليل ملموس يمكن فحصه، و هذا ما يعرقل إجراءات اكتشاف الجريمة بخلاف الجريمة التقليدية التي عادة ما  تترك دليلا ماديا أو شهادة.
  5. الجريمة الالكترونية ذات بعد دولي أو عابرة للحدود الدولية (Transnational)، فهي قد تتجاوز الحدود الجغرافية بسبب أنّ تنفيذها يتمّ عبر الشبكة المعلوماتية و هذا ما يثير في كثير من الأحيان تحديات قانونية و سياسية فيما يتعلق بإجراءات الملاحقة الجنائية.

سمات المجرم الالكتروني

من الجدير ذكره أنّه لا يوجد نموذج محدد للمجرم الالكتروني بالرغم من أنه يتميز ببعض السمات الخاصة لكنه لا يخرج عن كونه مرتكب لفعل إجرامي يجب أن يعاقب عليه.

يرمز بعض الباحثين كلمة SKRAH  إلى مجموعة الخصائص التي تميّز المجرم الالكتروني عن غيره من المجرمين، و هي اختصار لكلمات Skills/Knowledge/Resource/Authority/Motive، أي المهارة، المعرفة، الوسيلة، السلطة و الدافع.

و تعتبر المعرفة من أهم تلك الخصائص، بحيث يجب على المجرم أن يكون ملمّا و على دراية تامة بالتقنيات الحديثة في الحاسوب، و هذا ما يجعل المختصين في هذا المجال هم الأكثر إجراما بحسب دراسة أجراها معهد STANDFORD RESEARCH،  و التي كانت نتائجها كالآتي:

  • %25 من مرتكبي هذه الجرائم هو محلل البيانات داخل المؤسسة
  • %18  من مرتكبي هذه الجرائم هو مبرمج
  • %16 من مرتكبي هذه الجرائم هو صراف
  • %12 من مرتكبي هذه الجرائم هو الشخص الأمني من المنشأ
  • %11 من مرتكبي هذه الجرائم هو المشغل

واقع الجرائم الالكترونية في القانون اللبناني

لم يتطرق القانون اللبناني بشكل مباشر الى هذه الجرائم، إلا أنه من الممكن تطبيق بعض نصوص قانون العقوبات اللبناني وغيره من النصوص القانونية كقانون حماية الملكية الفكرية والفنية رقم 75 تاريخ 3/4/1999.

فمن خلال نصوص قانون العقوبات يمكن معاقبة العديد من جرائم المعلوماتية التي تحصل بواسطة نشر مواد أو صور أو توجيه رسائل الكترونية على شبكة الانترنت من شأنها مثلا اضعاف الشعور القومي او اثارة النعرات العنصرية او المذهبية في زمن الحرب او عند توقع نشوبها (مادة 295 عقوبات وما يليها) او تحتوي على قدح وذم او تحقير لاحد رجال السلطة العامة (المواد 383 لغاية 389)او لاحد الافراد (المواد 582 لغاية 589 عقوبات)،

او تهديد بجناية او بجنحة (المواد 574 لغاية 578 عقوبات) او تعتبر افشاء لاسرار (المواد 579 عقوبات وما يليها) او تشكل مساسا بالشعور الديني (المادتين 473 و474 عقوبات) او تشكل تعرضا للاداب او الاخلاق العامة (المواد 531 و532 و533 عقوبات)، مع العلم ان شبكة الانترنت اضحت شبكة عامة ومباحة للجمهور وعلنية ويمكن اعتبارها من الوسائل الآلية المحددة في المادة 209 عقوبات.

أما قانون الحماية الفكرية و الفنية فقد اعتبر في مادته الثانية أنّ حماية الأعمال المنشورة تشمل برامج “الحاسب الآلي مهما كانت لغاتها، بما في ذلك الاعمال التحضيرية”.

الجرائم الالكترونية و محاكمتها في لبنان

عرضت في العام 2004 على القاضي المنفرد الجزائي في بعبدا قضية تتلخص بان رسالة الكترونية ارسلت الى عدد كبير من الاشخاص تضمنت عبارات مسيئة الى شركة يديرها احدهم عبر اتهام الشركة المذكورة بسلب مال مدراء المؤسسات بالطرق الاحتيالية واستخدام ادوات النصب والاحتيال والكذب والاستيلاء على المبالغ المدفوعة كدفعة اولى والاختفاء بعد ذلك، وايقاع الناس في الفخ والاختباء وراء فجوات القانون…

وقد جرى الاشتباه باحد الاشخاص وادعت عليه النيابة العامة بجرم المادة 582 عقوبات واحالت الدعوى على القاضي المذكور الذي أصدر بعد المحاكمة بتاريخ 3/11/2004 حكما اعتبر فيه ان الرسالة الالكترونية الموزعة عبر الانترنت على عدد كبير من الاشخاص والتي تضمنت ذما بأحدهم قد جرى توزيعها دون انتقاء، مما يحقق علم عدد غير محدود من الناس بمضمونها، ما يجعل شرط العلانية متوفرا في هذه الحالة طالما انها تستوفي شروط المادة 209 عقوبات لجهة ما تضمنته من “الكتابة… او وزعت على شخص او اكثر”. وقد آلت الدعوى بالنتيجة الى تبرئة المدعى عليه لعدم كفاية الدليل على قيامه بارسال الرسالة الالكترونية المشكو منها.

و فيما يتعلّق بحماية الملكية الفكرية فصدر حكم في المتن بتاريخ 8/ 11 / 2001 وهو يدين ايضا” شركة لإقدامها على استعمال برامج حاسب آلي مبتكرة من المدعي الذي كان أيضا” قد سجلها اصولا في مصلحة حماية الملكية الفكرية لدى وزارة الاقتصاد والتجارة، دون موافقته، عن معرفة وبغاية الربح مما يعتبر اعتداء” على حق المؤلف الذي يتمتع بالحماية التي يوفرها القانون الجديد ويشكل الجرم المنصوص عنه في المادة 86 منه.

*لقراءة المزيد من القوانين و الجرائم التي حكم فيها القانون اللبناني يرجي زيارة مداخلة القاضي فوزي خميس

تطور ذو حدّين

 لا شك أن التطور التكنولوجي الحاصل سهّل الحياة البشرية على مختلف الصعد، و لكنّه ساهم في زيادة الخروقات و القرصنة من أي نوع كانت، و استمرار التطور يعني ازياد الجرائم الالكترونية، لذلك يجب على المجتمعات أن تساهم في نشر التوعية و شرح هذه الجرائم و كيفية الوقاية منها للناس، و إذا كنتم ضحية إحدى تلك الجرائم يمكنكم التواصل مع مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية على الرقم التالي  01/293293 أو زيارةموقع قوى الأمن الداخلي الإلكتروني   (isf.gov.lb)    واستخدام خدمة “بلّغ”.

عن razanmaadarani

x

‎قد يُعجبك أيضاً

شريحة ال E Sim ثورة في عالم الاتصالات

شريحة ال e sim تزايد اهتمام شركات الاتصالات الهاتفية الجوالة بتقنية eSIM للهواتف الذكية، وكثر الاهتمام بالعملاء ...