AL Mourakeb | المراقب نحو عمل اعلامي متطور..
شهيد تلو شهيد يسقط يوميًا على مذبح الحقيقة في عصر باتت فيه حرية التعبير جريمة تعرضّ من يقترفها لأبشع أنواع القمع والترهيب. تسقط الحقيقة فتسقط معها فرصة العيش في ظلّ مجتمع عالمي منفتح وعادل.
تطالعنا يوميًّا أخبار حول تعرّض الصحافيين لشتّى طرق القمع من اعتقال وسجن وتنكيل وصولًا إلى القتل. وغالبًا ما يفرّ الجناة من وجه العدالة أو لا تلاحقهم العدالة أصلًا فالمولجون حماية َالقوانين وتنفيذَها قد يكون بعضُهم الأكثرَ ارتياباً من عمل الإعلاميين.
منظمة مراسلون بلا حدود | تقرير العام 2020:
أرقام الدراسات العالمية تدعو إلى تحرّكٍ سريع بوجه الأفعال المشينة التي يتعرّض لها الجسم الصحفي. أظهرت نسخة 2020 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي أعدَّته مراسلون بلا حدود، أن تهديد حرية التعبير يأتي من كل حدب وصوب. حتّى الديموقراطيات التاريخية الكبرى أصبحت تمارس ضغوطات على المؤسسات الإعلامية. يشير التصنيف الذي يقيّم سنويًا حالة الصحافة في 180 بلدًا إلى أن دائرة البلدان التي تعتبر آمنة إلى تقلص مستمر. تتربّع النرويج للسنة الرابعة على التوالي على عرش المرتبة الأولى. أمّا كوريا الشمالية فقد حجزت المرتبة الأخيرة.
منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأخطر!
لا تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأخطر على سلامة الصحفيين مع استمرار الحروب والأزمات الشائكة. حسب التصنيف، لا تزال إيران من أكبر سجون الصحفيين في العالم، إلى جانب تركيا، مصر، السعودية، والبحرين. ثلاث دول عربية من بين أكبر خمس دول في العالم تسجن الصحافيين.
عقد حاسم بالنسبة للصحافة:
في هذا الصدد، قال كريستوف ديلوار، الأمين العام لمنظمة “مراسلون بلا حدود”: “نحن مقبلون على عقد حاسم بالنسبة للصحافة، عقد مرتبط بأزمات موازية تؤثر على مستقبل الصحافة”، مضيفًا أن “وباء فيروس كورونا مثال صارخ على العوامل السلبية التي تقوض الحق في الوصول إلى معلومات موثوقة، بل إنه عامل لا يزيد الوضع إلا سوءًا. فما هو إذن الحال الذي ستكون عليه الحرية والتعددية وموثوقية المعلومات بحلول عام 2030؟ الإجابة على هذا السؤال تبدأ من اليوم”.
واقع حرية التعبير | لبنان ليس بحالة أفضل!
لطالما أطلق المسؤولون في لبنان شعارات رنّانة حول الحريّات والصحافة ومبدأ السلطة الرّابعة. ولكنّ، نسمع يوميًا شهادات عن منع الوصول للمعلومة ومصادرها، ونشاهد مقاطع فيديو تُظهر الاعتداءات الوحشية، ونرى صور توثّق انتهاك حرية العمل الإعلامي بالمطلق.
الممارسات القمعية في لبنان:
خلال العام 2020، تعرّض العديد من الناشطين والصحافيين والمواطنين للاستجواب والاعتقال من قبل القوى الأمنية بسبب آرائهم. تعزّز القوانين اللّبنانية هذه الممارسات القمعية. فحلّ لبنان في المرتبة 102 من أصل 180 دولة ضمن التصنيف السنوي الذي تصدره منظمة “مراسلون بلا حدود” مستمراً في مشوار الانحدار المؤسف الذي بدأه عام 2015. إذ ان مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية التابع لوحدة الشرطة القضائية تتنامى سلطته بشكل خطر.
مسلسل القمع، تابع:
يستمر مسلسل القمع في البلاد مع دخولنا سنة جديدة. إذا لا يزال المواطن سعيد عبدالله في السجن الاحتياطي بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. يستمر احتجاز سعيد عبدالله رغم حذف المنشورات، ورغم الوضع الصحي المستجد وحالة الحجر والإقفال التّام، وفي ظلّ عمل الجمعيّات المستمر بهدف إضلاق سراحه.
المراقب | العين الساهرة على حريّة التعبير:
يعمل موقعنا فعل العين الساهرة على حرية التعبير والحقيقة، في هذا السياق ندعو المشــرّعين إلى إطلاق ورشــة إصلاحات قانونية. بالإضافة إلى تحديــد صالحيات مكتــب مكافحــة جرائم المعلوماتيّــة في ظلّ التحوّلات الرقميّة وظهور مفهوم الإعلام الرقمي. وتدريب المســؤولين عن الأمن والمحامين والقضاة لضمان احترام الحقوق الرقميّة للأفراد.
في الخلاصة، أن تكون النظرة إلى واقع الحريات في العالم فيها الكثير من التشاؤم هذا ترجمته أن المجتمعات في حالة تقهقر سياسية وثقافية خطيرة. حريّة الصحافة هي امتداد للحريّات السياسيّة والثقافيّة. عندما يمنع الصحافي من القيام بمهامه بشكل سليم وعندما تسقط مبادئ الحرية تسقطُ معها فرصة بناء مجتمع مثالي يطيبُ العيشُ فيه.
