الاقفال العام
مع كل حدث جديد، تنعكس الأصداء على مواقع التواصل الاجتماعي التي تعتبر منصات للتعبير عن رأي المواطنين وتعكس أفكارهم وما يدور بخاطرهم. ولعل الحدث الأبرز الذي يتصدّر كل الأخبار هذه الفترة، ويعتبر “ترند” على مواقع التواصل الاجتماعي هو الاقفال العام الذي فرضته الدولة اللبنانية في سبيل لجم عداد الاصابات المرتفع الناجم عن تفشي مجتمعي لفيروس كورونا في البلد.
يعمد بعض رواد وسائل التواصل الاجتماعي وتحديداً “تويتر وفيسبوك” الى تسليط الضوء على هذه المخالفات.
رواد مواقع التواصل الاجتماعي يتفاعلون
ومن هذه التعليقات، تغريدة محمد فرحات التي تطرق فيها الى ما يقوم به العديد من أصحاب المحلات التجارية، وهي وضع “بسطات” بيع أو توزيع مواد غذائية كحل “ماكر” أوجده التاجر اللبناني ليفتح أبواب محله في ظل استثناء محلات بيع المواد الغذائية من الاقفال العام
ولم يكتف المواطن بالاستعانة بالمواد الغذائية كوسيلة للفتح، بل انه لجأ الى “النصف فتحة” للباب حتى يتمكن من اغلاقه حال وصول دورية القوى الأمنية، فغرّد حسن فقيه ساخراً من هذا الأسلوب.
وبأسلوب فكاهي، انتشرت عبر “الفيسبوك وتويتر” صورة دردشة بين أحد المواطنين و”سوبر ماركت” تظهر خرق أصحابها لقرار الاقفال.
وأحد رواد الفيسبوك يشي بأن جاره خرق قرار المفرد والمزدوج عبر منشور على صفحته الخاصة وذكر صفحة قوى الأمن الداخلي بنفس المنشور
ولقد أظهر المواطن اللبناني في العديد من المناطق اللبنانية استهتاراً كبيراً بخطورة التجمعات، واستخفافاً بالقرار الرسمي بالإقفال، فعمد بعض المواطنين الى ارتياد الشاطئ وقد ساعدهم على ذلك الطقس الدافئ في “عز كانون”. اللّامسؤولية التي تصرف بها هؤلاء متناسين خطر انتشار فيروس كورونا دفعت ميشال الى انتقادها عبر تغريدة عبر حسابه على تويتر.
فيروس كورونا يتحداه اللبناني “على عينك يا تاجر” هناك من يخسر حياته بعد اصابته جراء المضاعفات الصحية التي يعاني منها جسد المصاب، وخاصة للذين يعانون من أمراض مزمنة وأمراض تنفسية، وقد تخطت أعداد الوفيات بكورونا في لبنان عتبة الثلاثين وفاة يومياً، وآلاف المواطنين يصارعون الوباء بأنفاس تكاد تختنق من دون أن يبقى الى جانبهم من يواسيهم.
ومن ينجو من اصابته، يحاول قدر الامكان الحديث عن تجربته، علّ من يقرأ يتّعظ ويتخذ الاجراءات الوقائية من باب أن “درهم وقاية خير من قنطار علاج”، وهنا ينطبق المثل القائل “ما متت ما شفت مين مات؟”، ليس بالضرورة أن تصاب حتى تدرك مدى الخطورة، ولا أن تقف أمام المستشفى وتخسر أحد أفراد عائلتك لأنه ليس هناك أسرة فارغة لاستقباله. وهذا ما حاولت فعله زهراء عبر منشور على صفحتها على فيسبوك.
الأطباء على خطي المواجهة والتوعية
بات للأطباء على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال منشورات وتغريدات لهم، يحاولون نشر التوعية حول فيروس كورونا والتنبيه لمخاطر المرحلة التي يمر بها البلد، فالجيش الأبيض الذي يحارب هذا الوباء قد أنهكه اهمال ولا مبالاة المواطنين.
عام مضى على الصراع مع كورونا، العديد من الأطباء والممرضات خسروا حياتهم في سبيل انقاذ حياة الآخرين، فقد استشهد أول طبيب لبنان في معركة الوباء القاتل في العشرين من تموز بعد اصابته بالفيروس وهو الدكتور “لؤي اسماعيل”.
كما خسر الطاقم الطبي الممرضة زينب حيدر في الأول من آب بعد اصابتها بالفيروس، لترتقي برتبة شهيدة بعد أن خاضت حرباً ضروساً ضد العدو الخفي.
وهذا ما كتبه الدكتور حسن زراقط عبر تويتر، حيث قارن بين الحرب العسكرية والمعركة التي يخوضها العالم اليوم، فكلاهما بحاجة للبقاء في المنزل والانتباه حفاظاً على حياتنا.
مدير مستشفى بيروت الحكومي الدكتور فراس الأبيض، منذ بدء الجائحة رفع الصوت عالياً دوماً عبر حسابه على تويتر، منذراً من مخاطر الاصابة بفيروس كورونا، ومتحدثاً عن حالات مرضية صعبة ومأساوية، ودق مراراً جرس الانذار من أن يصل لبنان الى مرحلة حرجة كالتي وصل اليها الآن، ومنها ما نشره مؤخراً عن مضاعفات الاصابة التي أدت الى سكتة قلبية لدى أربعة مرضى.
هذا المشهد المأساوي الذي نراه اليوم، ما هو الا نتيجة دولة أضعف من أن تفرض سلطتها حيث يجب فتصدر القرارات دون متابعة، وشعب مستهتر غير آبه بالكارثة التي ستحل نتيجة لا مبالاته، يصرّ على السهر ليلة رأس السنة، والاختلاط طيلة أيام الأسبوع “وكأن فيروس لم يكن”. فلبنان ليس مقبلاً في حال عدم الالتزام بالاقفال لا على سيناريو ايطالي ولا اسباني، بل انه سيناريو خاص كتب للبنان بنهاية “مأساوية”.