الرئيسية / تحولات رقمية / صمود أم ازدهار الإذاعة في عصرّ التحولات الرقمية؟
الاذاعة والرقمنة

صمود أم ازدهار الإذاعة في عصرّ التحولات الرقمية؟

تبلغ الإذاعة من العمر مائة وعشرة أعوام، ولا زالت الوسيلة الإعلامية الأوسع انتشاراً في العالم. وبعد كل ما واجهه العالم من حروب وأمراض وظروف استثنائية كجائحة كورونا، أثبتت الإذاعة مرونتها وقدرتها على التجدّد .

ما السبب وراء استمرارية الإذاعة لأكثر من قرن رغم منافسة الوسائل الإعلامية والتواصلية الأخرى؟ ربما يرجع إلى كون الإذاعة الوسيلة الإعلامية الأكثر استخداماً وانتشاراً في العالم بفضل قدرتها الفريدة على الوصول إلى جمهور واسع وخلق مساحة للجميع للتعبير عن آرائهم وإسماع صوتهم، فضلاً عن كونها تعد واحدة من أكثر الوسائط الموثوقة،خاصّة في ظلّ انتشار الأخبار المزيفة والمغلوطة في الفضاء الرقمي بشكل عبثيّ وعشوائي وتداولها بشكل سريع بين الناس.

التكيّف مع المتغيّرات

وفي وقت تتسارع فيه التطوّرات التكنولوجية حيث أصبح الانترنت مسيطرا ً في كافة المجالات، وبشكل أساسي في عالم الإعلام، كان التحدّي الأكبر هل سيقوم الإعلام الرقمي بابتلاع الإعلام التقليدي المعروف من صحف وإذاعة وتلفزيون؟  فالإعلام الرقمي لم يقم بتغيير البيئة التنافسية بين المؤسسات المختلفة، بل قام بتغيير خصائص الإعلام والإتصال وإدخال العديد من الخصائص الجديدة إليها ووسع رقعة عملها.

استطاعت الصحف أن تتكيف مع هذا التغيّر الجذري لتصبح رقمية وإلكترونية، وكذلك التلفاز استطاع أن يعدل من هيئته مستفيدا من ديناميكية الصورة ليتلاءم مع الإعلام الحديث، لكن التحدي الأكبر كان للإذاعة ففي ظل هذه التحولات والتحديات هل نشهد تراجعا في العمل الإذاعي؟ وهل يمكن للإذاعات أن تصمد أو تتكيف مع الجديد؟ لا سيما مع انتشار منصات التواصل الإجتماعي وعدم مواءمتها مع خصائص الإذاعة.

عندما نتحدث عن الإعلام الرقمي أو الإعلام الجديد فهو قد تولد نتيجة التزاوج بين تكنولوجيات الاتصال ووسائل الإعلام والانترنت وشبكاته، وهو يتميز بخصائص جديدة أهمها:

–      التفاعلية بين المرسل والمتلقي ويمكن لهما تبادل الأدوار.

–      اللاتزامنية: يمكن أن تتابع البرنامج والحلقة في أي وقت وكذلك الرد عيه .

–      الاندماج: الاندماج بين الوسائل والادوات من خلال جمع النصوص والفيديوات والصور والرسوم البيانية والصوتيات.

–      الكونية: لم يعد للإعلام حدود جغرافية بل يمتد على امتداد الكرة الأرضية .

–      حرية التعبير واستقلالية المستخدم والمتلقي.

–      التحديث والآنية في بث المعلومة.

ماهيّة الإعلام الرقمي

إذا فالإعلام الرقمي هو فضاء مستقل بذاته له مميزاته وخصائصه وليس فقط امتداد للإعلام التقليدي ما يوجب التعامل والتفاعل معه من خلال هذا المنطلق. وقد شكل هذا الإطار المفاهيمي قواعد أساسية للإنخراط في عملية التحول إلى الرقمنة من قبل الإذاعات. وأهمية أن يكون لدى العاملين في الإذاعة على مختلف المستويات الوظيفية قناعة  بضرورة الانخراط في عملية التغيير والتطوير. وكذلك ضرورة إدارة هذا التحول ليكون المحتوى متماهيا مع الإعلام الجديد وخصائص منصاته، وإيلاء الاهتمام الكبير للأساليب الابداعية لتقديم الأفكار المناسبة والمحتوى المتنوع لتحسين الفرص التنافسية.  وذلك بالاعتماد على نماذج انتاجية وتحريرية وتسويقية جديدة.

كما يعني تنويع الخيارات البرامجية والإذاعية المتاحة أمام الجمهور بين قراءة واستماع و التعامل مع التفاوت بين خصائص المنصات، فالعملية الاتصالية في الاعلام الجديد لا تنتهي مع تقديم البرنامج بل تستمر إلى ما بعد البث من خلال التعليقات وحسب هذه المنصات.

الإذاعة وأبرز تحوّلاتها : الرقمنة

اعتمدت إذاعة النور وثيقة التحول إلى الرقمنة واعتمدت خمسة محاور اساسية لاسترتيجيات التحول إلى الرقمنة والتي تشكل خارطة للتعامل مع هذا الفضاء الاتصالي الجديد:

1-     تطوير البنى التنظيمية والهيكليات: إعادة هيكلة الإذاعة وبناها التنظيمية للتكيف مع عملية التحول والتطور بناء للتغيرات، حيث قد تكون بعض الوظائف في طور الإلغاء واستحداث وظائف جديدة (استديو وكاميرا في الإذاعة). بما يلبي متطلبات قواعد الانتاج الرقمي.

خضع الجميع لورش تعريفية وأهمية التحول.

2-     رفع كفاءة العاملين وتدريبهم : القناعة المعرفة المشاركة من خلال النقاش، التأهيل والتدريب من مستوى مبادئ إلى مستوى متخصص مستدام ومتواصل لتنمية مهارات .

3-     تعزيز الانتاج الرقمي وتنويعه/ من خلال التدريب على النتاج المختلف وتوسيع اطار المعرفة لديه من خلال دمج الوظائف (محرر مراسل مذيع مصور مونتاج). وكذلك تطوير السياسات التحريرية لتطون المنصات الجديدة غنية بالمعلومات والموضوعات والقراءات التحليلية .  واستثمار الأرشيف السنعي وإعادة إحيائه.

4-     البنية الهندسية : كاميرات ميكسر صورة الانترنت من خلال ادخال الصورة إلى كل الاستديوهات.

5-     الجمهور والمنصات : اعتماد الدراسات والاحصاءات واستطلاعات الرأي ورصد استخدامات الجمهور وتنمية الأفكار البرامجية بما يجذب الجمهور ويحاكي اهتماماته. وكذلك الاهتمام بتعزيز الأشكال والأساليب التفاعلية مع الجمهور .

للإذاعة تميّز خاص

تكمن قوة الإذاعة في كونها تساعد على تنمية الذاكرة وتمكين المتلقي من إراحة ذهنه من خلال الاستماع إليها وتوسيع مداركه وخياله مع تنمية قدرة المستمعين على الإبداع والاستنباط، فضلاً على تزويد الجمهور بمستجدات الأخبار والمعلومات في شتى ضروب المعرفة. كل هذا مكّن الإذاعة، بفضل الثورة الرقمية، من أن تصبح عابرة للحدود من دون تأشيرة. ووفرت لها التطبيقات التكنولوجية الجديدة من الارتباط بالمتلقي مباشرة عوض البحث عن الذبذبات، كما كان عليه الشأن في الماضي.

ومن باب التأكيد على دور الإذاعة في عمليات التواصل وإيصال المعلومات ، قرّرت الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونيسكو عام 2011 إعلان يوم 13 فبراير /شباط من كل عام يوماً عالمياً للإذاعة، ولقد اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة رسمياً في 2012.

عن fatimaibrahim

x

‎قد يُعجبك أيضاً

شريحة ال E Sim ثورة في عالم الاتصالات

شريحة ال e sim تزايد اهتمام شركات الاتصالات الهاتفية الجوالة بتقنية eSIM للهواتف الذكية، وكثر الاهتمام بالعملاء ...