وسائل التواصل الإجتماعي: أكبر وسيلة تسويق رقميّة معاصرة

ثمّة تزامن ما بين التطوّر المعلوماتيّ الهائل الذي طرأ على الفضاء الرقميّ وعملية التسويق الإعلانية التي تمارسها الشركات الكبرى حول العالم من أجل زيادة مبيعاتها وبالتالي أرباحها ونفوذها . باتت هذه المؤسسات الكبيرة تعتمد بشكل أساسيّ على منصّات التواصل الإجتماعي كي توصل منتجاتها وعروضاتها إلى أكبر قد ممكن من المستهلكين بسرعة وسهولة.

وأصبح هناك علاقة تبادل مصالح بين الطرفين .الشركات تموّل هذه المنصّات وترفدها بالأموال ، والمنصات تسوّق لهذه الشركات وتعرّف الناس عليها كيف تزيد نسبة الإقبال والمبيعات وبالتالي الأرباح والثروات.

 أبرز هذه المنصات هي فايسبوك وتويتر وإنستغرام تمتلك خاصيات معيّنة كي تقوم بالتسويق الإلكتروني .

ما هي أبرز خصائص وسائل التواصل الإجتماعي والمنصّات المتعددة المستخدمة في عمليات الترويج والتسويق الرقمي ؟

تستخدم مواقع التواصل الإجتماعي مجموعة وسائط في عملها بغية إيصال محتواها وأفكارها بشكل مشوّق وجاذب.

 يقول مدير الإعلانات بمركز “مايكروسوفت أدفايازر” في فايسبوك وتوتير الأستاذ مروان ضاهر أنّ مايكروسوفت  كانت لديه مساحات إعلانية متاحة لأيّ مُعلن لإستخدامها من أجل التسويق لمنتوجاته عبر الماسنجر والإيميل ،فكانت وظيفتنا إدارة هذه الإعلانات، أي شخص يريد أن يستفيد من هذه المساحة لوضع إعلان كان يتمّ التواصل معنا لارشاده بالتفاصيل الأساسية، وعلى أساسه يُدرج الإعلان ويكون مرتبط بالموقع الإلكتروني المخصص له، ونقدم له إحصاءات  ومعلومات عن ما يقدّم له هذا الإعلان .

في سنة 2005  كانت تقنيات الديجتال بدائية، على سبيل المثال عندما نقوم بإعداد إعلان كنّا ننقر على “اكبس هنا “، لأنّ أغلب الناس لم تكن تعلم أنها مساحة إعلانية، ولكن اليوم وفي ظلّ التطوّر الحاصل والسوشيال ميديا أصبحت الامور الاعلانية أكثر انتشاراً ومعرفة.

سنة 2007 بداية الفيسبوك، كنّا نحن وكلاءه في الشرق الأوسط، كما نعلم أنّ مكتب فايسبوك موجود في أمريكا/أوروبا، لذا كانت الحاجة الى وجود وكيل للفايسبوك في الشرق الأوسط، وكنّا نحن في الواجهة، اي اعلان يُدرج على الفيسبوك كان عبرنا ومن خلالنا.

معايير الإنتشار في السوشيال ميديا       

بحسب  الأستاذ رونالد عجوري وهو مدير تصوير وإضاءة وإنتاج فإنّ هناك العديد من المعايير للانتشار (viral) ولكن باختصار، أي شخص داخل هذه الدائرة يجب ان يستغل مهارته، بمعنى ماذا يعرف أكثر من غيره، ما هي امكانياته ومن اين سيبدأ، وما هو العمل الذي يُبدع به، وما هي المهارات التي أتمتّع بها.

وعن سؤاله عن ما هو الأهمّ في الإعلان هل جودة الصورة أم جودة المضمون يجيب عجوري أنّه في الإجمال هو المحتوى، ولكن لا نريد ان ندخل الى مثاليات الحوار ولكن الذي يشد هو الـ Contents (المحتوى)، واليوم اذا اريد الاستمرار مع الـ Followers   ( المتابعين) وأوجد جمهور معين، يجب ان يكون هناك ثقة بالمحتوى الذي أقدّمه، إذاً في المبدأ الاساسي جودة المحتوى اقوى من الجودة التقنية.

في التلفزيون كانوا يفتشون عن الجودة التقنية والصورة الجيدة جدا والصوت المسموع والمفهوم ويضعوها عبر شاشة التلفاز، ولكن الذي يريد ان يتميز بهذا العالم  هو الشخص الذي يتعب على نفسه ليظهر صورة افضل وطريقة مبتكرة، انا شخصياً عندما اشاهد فيديو اول ما يشدني له في اول ثانية هي الصورة، ومن ثم الصوت اذا لم ارتح لسماع الصوت سأكون منزعج حتى لو كان المحتوى قوي، وبالتالي اريد ان اشاهد اول 10 ثواني من هذا المحتوى، هل خلق لدي فضول كي اكمل مشاهدته للنهاية، اذا جذبني فانا مضطر لمشاهدته للنهاية لانّ الصورة جيدة والصوت مريح ولا وجود لإزعاج في الصوت.

دور مؤثري وسائل التواصل في علم النفس الإجتماعي

يؤكّد الأستاذ الجامعي الدكتور رضا الشّاب أنّه يتقسّم  عمل الاعلام بشكل عام من خلال طريقين بمعزل عن السوشيال ميديا ووصولاً إليها، يعمل في طريق الاقناع الوهمي للجماهير أّنه يلبّي حاجاتهم، وقد استعانوا بـالمفكر والفيلسوف “ماسلو” الذي تكلّم وتحدّث عن الحاجات الخمس للانسان، واحدة منهم الحاجة الفيزيولوجية الماديّة للأكل والشرب، والأربعة المتبقية هي الحاجات المعنوية مثال الحاجة الى الاحساس بالأمان والحاجات الإجتماعية، والحاجة الى تقدير الذات وتحقيق الذات.

تمّ العمل كثيراً على تقدير الذات في السوشيال ميديا، سمحت لهم بعرض صورهم واستطاعت التغلب على الخصوصية. اليوم الخصوصية موجودة في عالمنا الواقعي وغير مسموح سرقتها، لذا لا تسمح للغير بأن يلتقط لك صورة وفي المقابل تعرض جميع صورك على السوشيال ميديا والعالم تستطيع الاحتفاظ بها، إضافة الى أنّها استطاعت الدخول الى الجانب الحميم لكلّ الأفراد، كلّ هذا لأجل إيصال رسالتها ولتكن مؤثرة بشكل كبيرعلى الجماهير، أي الجماهير الافتراضيين، وهناك عوامل ساهمت في هذا التأثير كـسرعة الانتشار والمشاركة من الجمهور، بمعنى اذا شاركتن معنا تنالوا الشهرة وتصبحوا فاعلين وتعززوا النرجسية ويصبح لديكم الكثير من اللايكات.

أيضاً استطاعت التأثير بالعقل الجماعي، نحن دائماً كأفراد يجذبنا الجماعة، فالجماعة مغناطيس يجذب الأفراد.وفي تعريف الجماعة أنّها كلّما كانت لديها القدرة على تحقيق حاجات أفرادها كلّ ما كانت لديها القدرة على إعطاء القدرة والقيمة والمكانة المعنوية لأفرادها داخل الجماعة وخارجها،وكلّما استطاعت الحفاظ وتحصيل الإنتماء لأفرادها ،كلّما استطاعت استقطاب جماعات وأفراد جُدد.

هذه النظرية عملت عليها كثيراً وبإمتياز مواقع التواصل الاجتماعي،  حيث أخذت الحاجات من “ماسلو” واخذت الهوية الاجتماعية التي هي الأرض واللغة والمعتقد من العالم النفسي الفرنسي “غوستاف لوبون”،الذي تكلّم عن قدرة الأرض واللغة والمعتقد في دغدغة الجماهير.

حيث قالت بأن العقل الجمعي يرغب بالجماعة، على سبيل المثال هتاك فتاة أنت معجب بها، وعشرون شخص ايضاً يقولون انها جميلة ومعجبون بها ولكن على سبيل المثال الاستاذ مروان يقول بأنها ليست جميلة، اذا هنا سيواجهونه، كيف ولماذا ليست جميلة ولست معجب بها وأنت لا تعلم بما هو الجمال والخ، هنا نرى أنّ الاستاذ مروان يبدأ بالتراجع عن رأيه بأنّها ليست جميلة وبالتالي يسكت وكلّ ما يزيد ضغط الجماهير يغيّر الاستاذ مروان قناعاته ليصل بأنّه هو الخطأ وهم الصح ويقتنع منهم ويقول ليس من المعقول انني على صح وكل هؤلاء الاشخاص على خطأ. ولكي يرضي النرجسية لديه يتماشي معهم برأيهم الى أن يقول نعم هذه الفتاة معجب بها وجميلة.

نعم، استفاد هذا العالم وقال يجب أن أخلق مؤثرين، واليوم أعمل في هذا المجال حول المؤثرين الافتراضيين، اليوم يعملون أن يكون هناك مؤثر افتراضي، يعني شخص افتراضي يتماهى معكم ويدرس الجمهور من خلال المعلومات التي حصلّها عنهم ويدرس ماذا يحبون وماذا يكرهون ويحاكيهم بتخيلاتهم وبماذا يرغبون ويحبّون ويكرهون ويصبح قريب لهم، هو يكون كـمؤثر يكون لديه العديد من اللايكات منه واقعي ومنه افتراضي، ويكون المتابعين لديه كُثر حتى الناس ترى أنّ هذا شخص مهم لديه الكثير من المتابعين، وبالتالي يقوم بعملية جذب وشفط لكافة المستقطبين بشكل سهل وسلس كما يريد ويشاء، هذه هي الفكرة التي يعملون لأجلها وبالتالي الهدف هو قيادة الجماهير.