الرئيسية / Uncategorized / مستقبل العلاقات الدولية والدبلوماسية في عالم ما بعد كورونا، 2021
العالم الافتراضي والعلاقات الدولية
العالم الافتراضي والعلاقات الدولية

مستقبل العلاقات الدولية والدبلوماسية في عالم ما بعد كورونا، 2021

لفهم العلاقات الدولية والدبلوماسية، لا بد من العودة إلى معاهدة وستفاليا. في عام 1648، تمّ توقيع معاهدة وستفاليا. هذه المعاهدة التي شكلت نقطة تحوّل في تاريخ أوروبا، فأنهت الحروب الدينيّة التي دامت ثلاثين عامًا. ومنذ توقيع هذه المعاهدة، تحكم العلاقات الدولية بالمنظومة الوستفالية، التي وضعت أسس عصر جديد في العلاقات الدولية، ركنه الأساسي هو مبدأ سيادة الدول.

في مطلع تسعينيات القرن الماضي تمّ إسدال الستار على المشهد الأخير من العلاقات الدولية المحكومة بالثنائية القطبية، إذ انتهت الحرب الباردة، وولد مشهد عالمي جديد محكوم  بالرؤية الرأسمالية. ومع انهيار جدار برلين، وولادة فكرة العولمة، ساد جوّ من التفاؤل.سعت العولمة إلى تحويل جميع الظواهر في القطاعات كافة إلى ظواهر عالمية، بالإضافة إلى تعزيز الترابط بين الشعوب وتوحيد الجهود لقيادة العالم نحو الأفضل من خلال تعزيز التكامل بين الدول في عدد من المجالات، الماليّة، والتجاريّة، والاقتصاديّة وغيرها. ولكن، كل التغيرات التي حدثت بفعل العولمة لا تعدو كونها طاولت قشور العلاقات الدولية وبالتالي ليس لديها أي تأثير فعلي وجوهري.

القرية الكونية والعلاقات الدولية والدبلوماسية

جائحة كورونا والاقتصاد العالمي

أرخت جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) في العام المنصرم بظلالها الثقيلة على كل مناحي الحياة. وكان للاقتصاد العالمي، المأزوم اصلًا، حصّة الأسد. فقد ألحقت الجائحة أشد الضرر بالفئات الأكثر فقرًا، كما سقط الملايين حول العالم في براثن الفقر، حسب تقرير الفقر والرخاء المشترك 2020، شبكة إحصاء الفقر، الآفاق الإقتصادية العالميّة. وأشار باحثون في جامعة سيدني إلى أن “147 مليون شخص فقدوا وظائفهم حول العالم “. من ناحية أخرى ملفتة، “تزيد تكلفة التداعيات الناجمة عن كورونا، عن تكاليف الحربين اللتي خاضتهما الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق مجتمعتين”.

شكل المؤتمرات التقليدي، في عالم العلاقات الدولية والدبلوماسية ما قبل جائحة كورونا | الأمم المتحدة 2017

جائحة كورونا وعالم المؤتمرات والعلاقات الدولية والدبلوماسية

في ظل مواظبتنا على اتباع توجيهات التباعد الاجتماعي، انتهجت الفعاليات التجارية والسياسية مسار اجتماعات العمل وارتكزت على المنصات الافتراضية. وشهدت المؤتمرات الافتراضية زيادة مطّردة مع تحوّل الشركات إلى الموارد المتاحة على الإنترنت عوضًا عن الإضاءة المتوهجة والأرضيات المغطاة بالسجاد وصفوف المقاعد المخصصة للمؤتمرات التي كانت تعقد في الفنادق الكبرى ومراكز المؤتمرات. ووفقًا لموقع إيفينت برايت، ارتفعت نسبة الفعاليات التجارية والمهنية المُقامة على الإنترنت بنسبة 1100% في أبريل/نيسان مقارنة مع أبريل/نيسان من العام الماضي. واشارت دراسة أجراها موقع Bizzabo for Event Professionalism، الى ان الغالبية العظمى من المخططين للأحداث سوف تستثمر في الأحداث الافتراضية. في وقت يعتقد العديد من المخططين أنه عنصر حاسم لنجاح الشركة.

رسم بياني أنجزناه وفقًا لدراسة Bizzabo

أفضل التطبيقات

في مقابلة أجريناها، لفت محمد نجم المدير التنفيذي لمنظمة «سمكس»، المتخصصة بالحقوق والحريات الرقمية، أن هنالك العديد من المعايير التي يجب أن نأخذها بعين الاعتبار عند اجرائنا أو مشاركتنا في أي مؤتمر أو اجتماع افتراضي، كالمنصة نفسها والأجهزة التي نقوم باستخدامها مثلاً.

وكانت منظمة سمكس قد أجرت العديد من الدراسات حول تطبيق zoom# الذي يعتبر اليوم،وبحسب وصف نجم، خيارًا جيّدًا لانجاز المؤتمرات وحلقات الحوار الافتراضية. أما بالنسبة إلى تطبيقات المحادثة، فينصح نجم باستخدام signal#، فهو ذات مصدر مفتوح Open-source، ولا يقوم بجمع الداتا بالاضافة إلى كونه جمعية وليس بشركة.

تطبيق signal الأكثر أمانًا بحسب نجم

من جهة أخرى، تحدّث نجم عن Jisti#، وهي خدمة مجانية لعقد المؤتمرات عبر الإنترنت مفتوحة المصدر وسهلة الاستخدام ولا تقوم بجمع المعلومات.

أهم التطبيقات

ويعتبر نجم أن نموذج التهديدات مهم جدًا لمعرفة ما التهديد المحتمل وكيفية مواجهته. نموذج التهديدات عبارة عن آلية لتحديد للمخاطر والتهديدات التي قد يتعرض لها أي جزء من البنية التقنية، سواءً مخاطر وتهديدات متعلقة بالتطبيقات والمواقع الالكترونية، أو مخاطر وتهديدات تتعلق بالشبكة والأنظمة الداخلية.

يبقى السؤال الأهم بحسب نجم، ما هو المعيار الجديد، أو الnew norm  بالنسبة لقطاع التنمية والبيئة، والجمعيات.

تغيّر منظومة العلاقات الدولية والدبلوماسية

برهنت هذه الأزمة أنه لا يمكن لأي دولة، مهما علا شأنها، أن تتغلب على الفيروس بجهد وطنيّ أو قوميّ بحت. فمعالجة هكذا مستجدّات خطيرة تتطلّب لا بل تفرض وضع رؤية كاملة متكاملة وبرنامج للتعاون الدولي. بالطبع، شكّل الفيروس تحدّيًا في وجه القوقعة القومية والايديولوجيات المتطرفة التي كانت سائدة في الحملات الانتخابية الشرسة حول العالم والتي كانت تتميز بالتطرف. نذكر على سبيل المثال، حملة “Make America Great Again” وهو شعار الحملة الانتخابية لرئيس الولايات المتحدة الأميريكية دونالد ترامب، أضف إلى ذلك حملة المرشحة السابقة للانتخابات الرئاسية الفرنسية مارين لوبان التي كانت تهاجم بشكل واضح وصريح العولمة. مع تفشي الجائحة بات التعاون الدولي ضروري، ولم يعد من الممكن أن تعيش الدول وكأنها جزر نائية بعيدة كل البعد عن مبدأي التواصل والتعاون الدوليين.

التوازنات الإقليمية والدولية

من الواضح أن جائحة فيروس كورونا أثّرت ولا تزال على التوازنات الإقليمية والدولية، كما تطرح عددًا من التساؤلات حول واقع ومستقبل النظام الدولي بعد انحسارها. خلال العام الفائت، تراجعت مكانة الولايات المتحدة الأمريكية على الساحة الدولية بسبب السياسات التي اتخذتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب خلال هذه الأزمة العالمية.

مما لا شك فيه انه بعد انحسار وباء كورونا، سيتشكل نظام جديد ولن يكون نظامًا دوليًا ذات قطب واحد، اذ قد تحتل الصين مكانة كبيرة في النظام الدولي على حساب أمريكا والاتحاد الأوروبي، لا سيما انها حاصرت الوباء بنجاح، وها هي اليوم تسعى لاستغلال هذا النجاح الذي حققته لتسجل أهدافًا سياسية واقتصادية على خصومها. ويعتبر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفرد، “ستيفان م. والت” أن الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية استجابت للوباء “بالعشوائية والبلبلة والضعف” فيما تمكّنت دول آسيوية من تنظيم مواجهتها للوباء.

ماذا يحمل لنا مستقبل العلاقات الدولية والدبلوماسية

للحيلولة دون وقوع كوارث صحيّة تهزّ العالم في المستقبل، على الدول أن تفكر في سيناريوهات جديدة ترتكز على التعاون بين الحكومات وتؤثر بشكل إيجابي على النظام العالي، كالتعاون الصحي الذي بدأ يظهر بين فرنسا وألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ من أجل تخفيف العبء على المستشفيات الفرنسية.

وفي هذا السياق يعتبر الفيلسوف الإنكليزي توماس هوبز (1588-1679) أن الدول كالإنسان، تتصرّف بأنانية، وتغلب مصلحتها على مصالح غيرها. لا شكّ أن هذه التصرفات “الأنانية” ستبقى، وسيبقى لها الغلبة في منظومة العلاقات الدولية إلى الأبد، لكن لا بدّ لنا من الاشارة الى إنّ ما سيخلفه وباء كورونا سيفتح بلا شكّ المجال لمراجعة القيم التي تحكم العلاقات الدولية.

عن سندريلا عازار

Lebanese journalist and advocate for issues related to freedom of expression, human rights and women empowerment.
x

‎قد يُعجبك أيضاً

رقمنة اسعار المحروقات: تطبيق الكتروني لمعرفة التسعيرة الرسمية بالدولار والليرة اللبنانية

بعد رفع الدعم الكليّ على اسعار المحروقات وبالتالي أصبحت الأسعار مرتبطة مباشرة بسعر النفط العالمي ...