الرئيسية / سلامة رقمية / الابتزاز الالكتروني… جرائم مسرحها مواقع التواصل الاجتماعي وعلاجها التوعية
الابتزاز الالكتروني
الابتزاز الالكتروني جرائم مسرحها التواصل الاجتماعي

الابتزاز الالكتروني… جرائم مسرحها مواقع التواصل الاجتماعي وعلاجها التوعية

الابتزاز الإلكتروني، جريمة تتزايد مُوقعةً في شراكها الفتيان والفتيات ضحايا مكبلين بالخوف والارتباك والانعزال، خاصة في ظل تعاظم دور مواقع التواصل الاجتماعي، مقابل غياب الرقابة الذي يزيد الأمور تعقيداً، أصل ذلك كله هو “اللاتواصل الإجتماعي” بين أفراد الأسرة الواحدة في ظل الذوبان في عالم “موقع التواصل”.

مكافحة جرائم المعلوماتية:

بين الحين والآخر تنشر قوى الأمن الداخلي أخباراً عن توقيفات لأشخاص أقدموا على ابتزاز فتيات أو فتيان، بعد ان تقدم الضحية أو أولياء أمرها، بلاغاً لدى مكتب ، مكافحة جرائم المعلوماتية لملاحقة المبتز، وذلك في اطار متابعتها لجرائئم الابتزاز الالكرتوني.

هذا الواقع يستلزم مزيداً من التوعية ونشر طرق الحماية وتحصين المجتمع من ناحية، وتشديد العقوبات من ناحية أخرى. بدوره، قام مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية باطلاق سلسلة حملات توعية حول مخاطر الابتزاز الالكتروني تحت شعار “ما تتصور”، تتحدث عن مخاطر ارسال الصور الخاصة وفتح المجال للغرباء الدخول الى حياتنا والتعدي على حرياتنا وتحديدا صحرية جسدنا.

صورة تعتمدها قوى الأمن الداخلي لنشر أخبار الابتزاز عبر مواقع التواصل

تجربة خاصة:

ريان اسم وهمي لفتاة رغبت بمشاركتنا تجربتها مع الابتزاز الالكتروني من باب التوعية، وهي تبلغ من العمر 19 عاماً، أي أنها ليست بالعمر الشائع “دون 16 عاماً” للواتي يقعن تحت سطوة الابتزاز

تخبرنا ريان أنها تعرفت على شاب يدعى “وسام” عبر موقع فيسبوك، وبعد معرفة دامت شهر، بدأ يتودد لها، مبدياً اعجابه بها. ومن ثم طلب رقم هاتفها وصار يتواصل معها بشكل دائم من عبر الدردشة من خلال تطبيق واتساب أو من خلال الاتصال بها

وتضيف: “تطورت علاقتنا بسرعة حتى أصبحنا نتحدث من خلال “الفيديو كول”، فهو أخبرني أنه يسكن في منطقة بعيدة جنوباً، ولا يستطيع المجيئ الى بيروت بشكل دائم، وعدة مرات طلب مني صور لي، وكنت ارسل له صور بامكاني نشرها عبر صفحاتي على مواقع التواصل، الا أنه وبسبب حبي له وقربي منه، وافقت مرة على ارسال صور فاضحة لي، وبعدها بدأ يهددني بأني ان لم أقم علاقة جنسية معه عبر الهاتف فسوف ينشر الصور ويرسلها الى اخوتي”

هل رضختِ لتهديداته؟

تجيب ريان: “رضخت مرة واحدة لكني كرهت نفسي، وعندما استجمعت جرأتي وكبحت مخاوفي ذهبت الى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وأعطيتهم كل المعلومات اللازمة، وأكدوا لي حرصهم على سرية الملف، وفعلاً بعد فترة لا تتجاوز 3 ايام، كانت المشكلة قد حلت وتم حذف جميع صوري، وتمّ توقيفه بجرم ابتزاز وتهديد القاصر بنشر صور مخلّة بالآداب العامة”.

ريان استطاعت كسر حاجز الخوف من الفضيحة عندما أخطأت، ولكن هذا ما لا يحدث مع الجميع، فما هي رسالتها؟

تقول ريان: “لكل شابة او مراهقة، حاولي أن لا تثقي بأي شخص يراسلك من وراء الشاشة، فذئب الغرائز انتقل من الغابات الكبيرة الى شاشات صغيرة، وان وقعت في الفخ لا تصمتِ بل توجهي الى الجهات المعنية لتخرجي بأقل خسائر ممكنة”.

الابتزاز الالكتروني برأي “علم النفس”

يوضح المعالج النفسي محمد بدرا أن “الابتزاز من حيث المفهوم يبدأ من بداية علاقة الأمهات والآباء، حيث تبدأ العلاقة بين الطفل ووالديه بالابتزاز، فهو يلجأ الى البكاء او الصراخ لكسب المتعة التي يريدها منهما”.

ويشير الى أنه “عندما يكبر الطفل ويبدأ بتكوين اداركات عن العالم الخارجي، يتمركز هنا دور الأهل لتوضيح مفهوم العلاقة التي تربطه بهذا العالم، عبر شرح مدى امكانية استعمال المراوغة والابتزاز بعلاقاته مع الآخرين، ولكن منهم من ينجح ومنهم من يخفق بهذه المرحلة، وبحال أخفقوا، يبقى أسلوب الابتزاز يرافقه حتى سن المراهقة”.

ويؤكد  بدرا،  أنه “اذا لم يضبط الوالدان ايقاع العلاقة مع الطفل، أي ترسيم حدود الابتزاز أين تبدا وأين تقف، قد تنسحب هذه الأمور الى الابتزاز بكل أشكاله ومنه الابتزاز الالكتروني”.

ويشرح أن “السبب الآخر الذي يدفع للابتزاز هو وجود افراد لديهم شخصيات حدية، وهي التي تتسم بميولها الى الابتزاز أكثر من غيرها، وهي شخصيات نرجسية تقوم على تمركز الذات حول الأنا، لا يهمها الآخرين ولا مشكلة لديها باحداث ضرر عاطفي ونفسي للآخرين”.

وعن الذين يتعرضون للابتزاز، يوضح بدرا ان “الأسباب تتعدد، فمنهم من تتصف شخصياتهم بـ “المازوشية”، أي انهم يميلون  الى الذين يبتزوهم، ليلعبون دور الضحية”.

ويشدد بدرا على أن السبب الأهم وراء انزلاق الأفراد في هذه المشكلات هو “عدم وضوح مفهوم الحريات لدى كل فرد منا، خاصة بظل غياب قيم التربية المدنية الواضحة التي تنشئ أجيالاً تعرف حرياتها وحرية الجسد وتدرك ابعاد هذه الحريات وتجلياتها”.

إن ضعف الوعي حول موضوع حرية الجسد، مرده الى الذهنية الاجتماعية التي ترفض الحديث عن كل ما يتعلق بالأمور الجنسية بشكل واضح، بل تلجأ للإيماءات والتلميحات من دون حوار واضح، وهذا الخجل يخلق في العلاقة بين المراهق واهله مسافة تحول دون مصارحة الأبناء لأهلهم عن ما يتعرضون له، أو عن الخطأ الذي ارتكبونه خوفاً من العقاب النفسي والمادي مما يؤدي الى انغماسهم أكثر بالخطأ، والرضوخ للمبتز”.

إن مواجهة هذه الجريمة تبدأ أولاً من مسؤولية الأسرة في تربية أبنائها وتقوية الرادع الديني والأخلاقي فيهم، كما يجب على الأبوين أو الأخوة كسر الحواجز بينهم وبين أبنائهم وبناتهم بزيادة الثقة المتبادلة والإشباع العاطفي والاجتماعي والمادي المشروع وتشجيعهم على المصارحة.

تتعدد الاسباب والنتيجة واحدة، ابتزاز الكتروني يشكل صورة “تكنولوجية” للاغتصاب والتحرش، لذلك  أحموا أنفسكم/ن، ليس من الغريب فحسب، بل حتى من الصديق، الحبيب أو حتى الزوج في حال الانفصال.

عن خلود شحادة

خلود شحادة، ٢٣ سنة، محررة في موقع ليبانون تايمز، ومذيعة أخبار ومقدمة برامج سياسية واجتماعية في اذاعة الرسالة. حائزة على شهادة "صحافة" من كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية، وطالبة ماجستير في الصحافة الرقمية. صاحبة رواية حربٌ بلا راء، ومن وهوايتها الكتابة، وتطمح أن تضفي لمسة جديدة على الاعلام اللبناني مما يساهم في تطويره.
x

‎قد يُعجبك أيضاً

الأمن السيبراني يعتبر من أهم المواضيع التي تشغل الأفراد والشركات، الحكومات والدول

الأمن السيبراني – كيف يخلق المتسللون فرصًا للمتخصصين

الأمن السيبراني هو ممارسة حماية أجهزة الكمبيوتر والشبكات وتطبيقات البرامج