الرئيسية / أخلاق إعلامية / التنمر الالكتروني ضد الصحفيين في لبنان والمنطقة
التنمر الالكتروني ضد الصحفيين

التنمر الالكتروني ضد الصحفيين في لبنان والمنطقة

سندريلا عازار

حتى العالم الافتراضي، لا يخلو من الهجمات. صحيح أنه ليس باستطاعة رواد مواقع التواصل الاجتماعي شنّ حروب بالمعنى التقليدي للكلمة، لكنّهم قادرون على خوض معارك افتراضية ضارية. ولعلّ أبرز أوجه الحروب الافتراضية الضروس وأكثرها فتكًا، هو #التنمر_الالكتروني. تطال عواقب التنمر الالكتروني عددًا هائلًا من الأفراد والفئات. اليوم، ظاهرة التنمر الالكتروني ضد الصحفيين لا تفتأ تشتدّ وتتفاقم.

التنمر الالكتروني ضد الصحفيين

تعريف التنمر الالكتروني:

أوّلاً قبل الغوص بمسألة التنمر الالكتروني ضد الصحفيين، لا بدّ لنا أن نفهم ما هو التنمر الالكتروني بالمطلق. تعرّف #اليونيسف التنمر الالكتروني كما يلي: “التنمر الإلكتروني هو تنمر باستخدام التقنيات الرقمية، ويمكن أن يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات المراسلة ومنصات الألعاب والهواتف المحمولة، وهو سلوك متكرر يهدف إلى إخافة أو استفزاز المستهدفين به أو تشويه سمعتهم.” بحسب اليونيسف أيضًا، يصب تحديد الفرق بين المزاح والتنمر الالكتروني خصوصًا عبر الانترنت.

ما بين النقد البنّاء والتنمر:

التنمّر الالكتروني هو عملية ممنهجة تقودها جيوش الكترونية وحسابات وهمية، عادة يستخدم المتنمّر لغة قبيحة بعيدة كل البعد عن الأخلاق. أما عملية النقد فهي من حق الجمهور الذي  يستطيع أن ينشر أفكاره ويناقشها بكل حرية. أنشات مواقع التواصل الاجتماعي سلطة خامسة، هي سلطة الجمهور، الذي لديه الحق في الانتقاد وفي مساءلة الإعلامي الذي يضلّل الجمهور في بعض الأحيان، طبعاً بعيداً عن التنمّر واللغة الغير لائقة.

أبرز أوجه الحروب الافتراضية الضروس وأكثرها فتكًا، هو #التنمر_الالكتروني

ما هو التنمر الالكتروني ضد الصحفيين؟

إن الإبلاغ عن القضايا الملحّة التي تخدم وتهم المصلحة العامة، بما في ذلك السياسات والتشريعات الحكومية، بالإضافة إلى تقديم معلومات قيّمة للجمهور، جعل من #الصحفيين عرضة للترهيب والعنف عالميًا. تتضاءل مساحة حرية التعبير حول العالم، ويكاد يغيب مفهوم الإعلام المستقل. فيما يتعلق بالاعتداءات التي تستهدف الصحفيين وصناع الرأي، نادرًا ما يتم القاء القبض على الجناة وبالتالي لا يتم سوقهم إلى العدالة. فكيف بالحريّ إذا كانت هذه الاعتداءات تتمّ على المنصات الافتراضية؟

أوجه التنمّر الالكتروني ضد الصحفيين:

بات الويب يشكّل الوسيلة المثلى للنشر الإلكتروني، وذلك بسبب الكُلفة المنخفضة، وسهولة التنقل عبر الحدود الجغرافية بالإضافة إلى لائحة تكاد لا تنتهي من المزايا. وقد تصاعدت أهمية الإنترنت على الصعيد الدولي إذ لا تنحصر أهميتها في مجال تبادل المعلومات وتداولها، فهي اليوم تؤدي أدواراً سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية غاية في الأهمية. كما السمات، كذلك تتعدّد الأوجه السلبية للتكنولوجيا الحديثة. أوجه التنمّر الالكتروني ضد الصحفيين يتمثّل بالتالي:

  1. رسائل التنمر: إرسال رسائل قصيرة ذات محتوى تهديدي وبذيء.
  2. مكالمات هاتفية بغرض الإزعاج: حيث قد يقوم المتنمر بالاتصال عبر الهاتف باستمرار ليقول عبارات مؤذية.
  3. انتحال شخصية الضحية ما وإرسال رسائل جارحة إلى الآخرين.
  4. نشر الأكاذيب عن الضحيّة.
  5. قرصنة هاتف الضحيّة ونشر محتواه الخاص على وسائل التواصل الاجتماعي.
التنمر الالكتروني عبر الرسالة، احدى الطرق المنتشرة للتنمر الالكتروني

من يقترف التنمر الالكتروني ضد الصحفيين؟

تعتبر منظمة مراسلون بلا حدود RSF، أن مقترفي التنمر الالكتروني ضد الصحفيين هم “مجرّد قراصنة، أفراد أو مجموعاتِ أفرادٍ مختبئون خلف شاشاتهم، أو مرتزقة المعلومة على الشبكة الذين يمثّلون جيوشا الكترونية فعليّة أسستها الأنظمة الاستبدادية”. تكمن قوّة القراصنة في فهمهم المعمّق لأساليب التكنولوجيا الحديثة مما يفتح المجال لامتداد أكبر للنماذج القمعية.

التنمر الالكتروني ضد الصحفيين في لبنان

تدخل الصحافة في لبنان في صلب الأزمات، إذ تلعب دور ناقل الخبر، وكاشف الفساد. كما تقوم #الصحافة بمفهومها التقليدي بتسليح الرأي العام ومدّه بالمعلومات الأساسية لتحريك القضايا والملفات كافة. الإعلام اللّبناني ليس مستقلًا بأغلبيته الساحقة، لا بل تكاد الساحة الإعلامية اللّبنانية تخلو من المنصات التي تعمل عمل صحفي، ومهني دون “غايات في نفس يعقوب”.

التنمر الالكتروني والقرصنة

لطالما شهدت القنوات اللّبنانيّة حروبًا إعلامية بين الأحزاب التقليدية التي تملك المحطات التليفزيونية التقليدية والكبير. ولكن، ما يميّز الحملات الالكترونية التي بدأت تتكاثف بشكل غير مسبوق منذ اندلاع ثورة 17 تشرين عام 2019، هو كونها فجّة، وأقبح من السابق. حسابات وهمية لا تعد ولا تحصى، وكتائب الكترونية تستهدف الصحفيين بشخصهم وتحاول أذيتهم وابتزازهم وذويهم عبر حملات ممنهجة، مما قد يجبرهم على فرض رقابة ذاتيّة أو الامتناع عن متابعة الأعمال الاستقصائية. عادةً تشمل هذه الحملات كل صحافي إلّا أنها تركز على المراسلات النساء. فقد أجرت المؤسّسة الإعلامية الدولية للمرأة دراسة استقصائية عالمية أنّ ما يقارب ثلث الصحافيات يفكرن في ترك المهنة بسبب الهجمات والتهديدات عبر الإنترنت.

حملات التنمر الالكتروني ضد الصحفيين | غادة عويس

تتعرض الإعلامية غادة عويس عادةً لحملات ممنهجة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن، ما حصل معها العام الفائت مقلق ومرعب، حيث تمّ اختراق هاتفها وتم نشر صورها الخاصة في ملابس السباحة. لا بل أرفقت الصور بادعاءات كاذبة تدعي أن الصور التُقِطَت في مزرعة رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة الإعلامية. خلال ساعات معدودة، تصدّر هاشتاغ Ghada_Jacuzzi# أكثر الهاشتاغات تداولاً في #السعودية. كتبت عويس مقالاً في صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، تحت عنوان “أنا صحافية في الشرق الأوسط والهجمات عبر الإنترنت لن تخرسني” تتحدث فيه عما تعرضت له من هجوم الكتروني. من كل هذا التطور الذي نشهد، واتكالنا المتعاظم على هواتفنا الذكيّة، مخيفٌ فعلاً أن يشعر المرء بانه مهدّدٌ بالقرصنة في أي لحظة.

حملات التنمر الالكتروني ضد الصحفيين | ديما صادق

تنهمر التهديدات بشكل مكثّف على الإعلامية ديما صادق منذ اندلاع ثورة 17 تشرين. ازدادت هذه الحملات بعد انضمام صادق إلى عائلة قناة ال MTV، حيث أصبح لديها برنامجها الخاص #حكي_صادق. غالبًا ما ينتشر وسم #ديما_الواطية الذي تتعرض ديما صادق خلاله إلى أعنف الحملات التي تتطرق إلى حياتها الشخصية وصولاً إلى التعرض إلى والدتها وابنتها. تجدر الإشارة إلى أن حملة الشتائم لم تتوقف حتّى مع إعلان صادق وفاة والدتها.

حملات التنمر الالكتروني ضد الصحفيين | لونا صفوان

أمّا الصحفية المستقلة لونا صفوان قوقعت بدورها ضحيةً للتنمر الإلكتروني. في أكتوبر/تشرين الأول، 2020، قامت صفوان بنشر تغريدة تنتقد فيها حزب الله. لتقوم قناة إسرائيلية بتداول ونشر تلك التغريدة في وقت لاحق. فما كان من بعض مما دفع عدداً من الجيوش الالكترونية إلى اتهامها بالعمالة، لا بل قام أحد أفراد عائلتها بالتبرؤ منها.

بدفع التنمر بالبعض إلى العزلة، كما أشارت لونا صفوان في هذه التغريدة حيث قالت أنها متعبة وتود أن تزيل منصة Twitter لفترة

استمرار حملات التحريض والعنف…

أواخر عم 2019، قام البعض بتعميم أرقام مراسلين وصحافيين بهدف إزعاج وثنيهم عن مواقفهم. ولا تزال الحملات الضروس مستمرّة حتى يومنا هذا. تتقلص يوميًا مساحة الحريات. ادلائنا بأي تصريح يمكن أن يزج بنا في خانة المعارك الالكترونية.  

الصحافي رياضي قبيسي أحد الذين تم تسريب أرقامهم الشخصية

يجب التكاتف لمعالجة ظاهرة التنمر الالكتروني من خلال وضع وسن قوانين جديدة تساعد على القضاء على هذه الظاهرة التي تهدف الى قمع حرية الرأي والتعبير بعد ان أصبحت مقلقة وقذرة. كما يجب تحصين الصحفيين بالتدريبات اللازمة لمواجهة هكذا عوائق.

من جهة أخرى، وُلدت جمعيات ومؤسسات تعنى بشؤون الحريات وتعمل حاليًا دون كلل أو ملل على الحدّ من هذه الجرائم، كعيون سمير قصير (SKeyes) وSmex التي على تعزيز الحقوق الرقمية، بالإضافة إلى المركز اللبناني لحقوق الإنسان (CLDH)، وغيرها من الجمعيات التي تقلق مضاجع منتهكين الحق في الحرية والتعبير.

 

عن سندريلا عازار

Lebanese journalist and advocate for issues related to freedom of expression, human rights and women empowerment.
x

‎قد يُعجبك أيضاً

رقائق الكترونية

الصين واميركا… الرقائق الإلكترونية محور حرب

الرقائق الإلكترونية تعتبر محور حرب بين الصين وأميركا