ماريا علوان
طوني كتورة أو “الكابتن” إسم برز في الأيام الماضية على مواقع التواصل الإجتماعي. وطرح كتورة نفسه على أنّه فنان ويقيم الحفلات الغنائية مباشرةً على موقع فايسبوك، فحظي بإقبال كثيف من قبل المتابعين وحصدت حفلاته عشرات الآلاف من المشاهدين. ظاهرة كتورة ليست الأولى، بل سبقه العديد الذين اكتسبوا شهرة” واسعة” على هذه المواقع كرملاء نكد، عصام الجوكر وغيرهم.
آراء الناس حول طوني كتورة على مواقع التواصل الإجتماعي.
اختلفت الآراء حول طوني كتورة، فاعتبر قسم من الناس أنّ مشاهدته أفضل من متابعة السياسيين اللبنانيين على شاشات التلفاز وأنّه مرح فينسيهم المصاعب التي نعيشها في لبنان.
أما القسم الآخر فرفض هذه الظواهر التي تشوّه الفن والتي لا تمت له بصلة، فوصف ما يحصل على مواقع التواصل الإجتماعي بالمهزلة. ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ كتورة يتعرّض للكثير من التنمر من قبل المتابعين أثناء البث المباشر الخاص به وحتى من بعده، فأصبح مادة للسخرية والنكت.
آراء ضد طوني كتورة.
شهرة طوني كتورة لن تدوم.
أكّدت الدكتورة في علم الإجتماع الأستاذة “مي مارون” أنّ الناس تتجه إلى الأمور السخيفة بشكل عام وفي الكثير من الأحيان. ففي السابق كانوا يقرؤون مجلات فضائحية والتي تسمّى بالصحافة الصفراء مثل الدبور والجرس، أما الآن فيدخلون لمشاهدة كتورة وأمثاله. وذلك ليس لأنهم يستمتعون بما يشاهدونه بل، وبكل بساطة، لأن البعض تجذبهم المواد السخيفة.
أفادت مارون أنّ في ظل كل الصعوبات التي نمر بها من جائحة كورونا إلى الأزمة الإقتصادية يعتبر البعض أنّ هذه طريقة للترفيه من جهة، ولكي يمنعوا أنفسهم من التفكير في المرض، الموت والفقر من جهة أخرى.
وكمثال على ما قد سبقت وذكرته، في الماضي أصدر الملحن الكبير والممثل ” فيلمون وهبي” أغنية “سنفرلو عالسنفريان” التي تعد أغنية هابطة. رقص على المسرح مع وردة على خصره على الرغم من موقعه الفني ولاقت الأغنية نجاحا” كبيرا” حينذاك. والأغاني المصرية الشعبية التي تحمل عبارات سخيفة وهابطة فهي تعد مثالا” آخرا” على أنّ هذه الظواهر موجودة في كل البلدان. وهذا لا يعني أنّ الشعب اللبناني فقد الذوق الفني الرفيع. وتلفت هنا أنّ هذا الأخير هو تربية. الأهل، المدارس والإعلام يعلمون الأولاد على سماع أغاني ذات قيمة وتحمل معان جميلة لتصويب ذوقهم الفني.
وتابعت أنّ انتشار طوني كتورة والحديث المتواصل عنه على مواقع التواصل الإجتماعي قد تدفع البعض للدخول ومعرفة ما يقدمه حشريةً وليس أكثر من ذلك. فالمادة التي يقدمها مغزية، مهينة ولا تحمل أي معنا” كما أنّ أغلبية آراء المعلّقين كانت سلبية. وهناك أغان مصرية مثل “ما اشربش الشاي” أعيد تقديمها في مسرح المدينة وجميع الناس شاهدوها ولاقت استحسانهم. لكن هذه الأغنيات لا تدوم بل تولد وتموت في فترة زمنية قصيرة. فالفن موجود على كافة اختلافاته وأنواعه والناس بحاجة إلى مهرب ليفرحوا وينسوا همومهم.
لفتت الدكتور مي مارون إلى أنّ خلال زمن الأزمات في كافة بلدان العالم، الناس تنحو نحوين إما تلجأ للصلاة لأّنها تعتبر أنّ الله هو الوحيد القادر على تغيير الواقع. أو للبسط الآني فهم يبحثون عنه حتى على مواقع التواصل الإجتماعي التي تفيد بأنّ كتورة يحصد عشرات الآلاف من المتابعين ولكن أغلبيتهم يدخلون حشرية” وليس عن خيار وقناعة.
في النهاية، أفادت مارون أنّ ظاهرة طوني كتورة لن تدوم طويلاَ وستختفي بسرعة كما حصل مع الشابين المصريين اللذين غنا أغنية “سكر محلي” فجنا الكثير من المال السنة الماضية وحظيا بشهرة واسعة لكنهما غير موجودين اليوم على الساحة الفنية.
بساطة طوني كتورة وراء شعبيته.
في حديث مع الدكتور المتخصص في علم النفس التربوي “بسّام سكرية” أشار إلى أنّه من الواضح أنّ الإقبال الكبير الذي حصل عليه كتورة يعود إلى الطريقة الملفتة للإنتباه التي يقدّم بها نفسه. ولكي يحصل على شعبية بين الناس ليس من الضروري أن يكون فنانا” راقيا” أو أن يتمتّع بصفات جيّدة بل يمكنها أن تكون عادية وتلفت النظر. كما أنّ شعبية كتورة قد تكون بسبب سخرية العالم منه والتسلية التي يحظون بها خلال مشاهدة فيديوهاته.
أضاف سكريّة أنّه ومن خلال ما يقدمه كتورة يعطي انطباعا” بأنّه إنسانا” ساذجا” وبسيطا”. بالإضافة إلى استخدامه للحن وكلمات بسيطة من القاموس اليومي للناس. وفي الوقت عينه يعطي انطباع أنه قابل لابتكار النكت عنه ومادة سهلة للاستهلاك، خاصّةً من خلال ادّعائه بأنّه أهم فنان ويطرح نفسه على هذا الأساس. فهو مادة مسليّة ومن باب الاستهزاء، في معظم الأحيان، استهلكه الناس للتسلية وقاموا بإنشاء حسابات لأنصار طوني كتورة. بساطته، صدقه، سذاجته والحركات التي يقوم بها جعلت منه إنسانا” مسليا” وليس فنانا” راقيا”.
تشجيع طوني كتورة.
وأكّد سكريّة أنّه لا بدّمن الإشارة هنا أنّ يمكن لكتورة أن يكون بالفعل كما يوحي للناس(بسيط) لذلك لا يكترث لكل التعليقات السلبية التي يتلقاها والنكت التي تتعلق به لأنّه لا يفهمها بطريقة السخرية بل يأخذها ويحوّلها كي تخدم مصلحته. أو أنّه يلعب دور الإنسان الساذج والبسيط، فهو يعيد نشر على صفحته على الفايسبوك المواد الإستهزائية ويعتبرها بأنّها جديّة وليست ساخرة وبأنّ الناس تعتقد بالفعل أنّه فنان عظيم ومهم. لكن في الحالتين هذا ما يجعله ملفتا” للإنتباه.
في الختام أفاد سكريّة أنّ سوء حالة الشعب اللبناني من جرّاء الأزمات السياسية، الإقتصادية والصحيّة التي يعاني منها توازي برداءتها مستوى الكلام واللحن الهابط في أغاني كتورة. كما وأنّ الناس بحاجة أن تلجأ إلى أمور تسليها في ظل الحجر المفروض لمواجهة وباء كورونا وطوني كتورة يسلي ويمكن للناس الإستهزاء به وهو يفهم ذلك على طريقته خاصّة.
إذا”، ظاهرة طوني كتورة ليست الأولى على مواقع التواصل الإجتماعي ولن تكون الأخيرة. ستمرّ وتنتهي بسرعة كما كان مصير كل الشخصيات التي ادّعت بأنّها تقدّم مادة فنية.