AL Mourakeb | المراقب نحو عمل اعلامي متطور..
الاخبار الكاذبة والشائعات أقوى من السلاح تفتك بالإنسان،تثير انفعالات سامّة كالرعب والقلق ،تزعزع الإستقرار الأمني في البلاد كونها تحمل في طياتها أخبار تحريضية .إنّ هذه الإنفعالات التي تُثار داخل القارئ عند تلقيه خبرا كاذبا تدفعه إلى مشاركتها،فهي تحظى بنسب مشاركة عالية تصل إلى 70% بحسب دراسة نشرتها جامعة MIT في آذار 2018.
في هذا الصدد أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع جمعية دوائر أول مبادرة شبابية في لبنان تتحقق من الاخبار الكاذبة على مواقع التواصل الإجتماعي ،وتضم 40 شابا وصبة من عشر مناطق لبنانية هي: أميون،شكّا،رياق،قب الياس،الشويفات،مغدوشة،طرابلس،عاليه،الدامور،حارة صيدا.
وُجدت الحاجة للمبادرة بسبب تدهور الأوضاع الأمنية والصحية في لبنان،مع بدء الإحتجاجات في منتصف تشرين الأول 2019 وصولا إلى انتشار وباء كورونا.
بدء العمل مع الشباب بداية العام الماضي على مرحلتين:مرحلة نظرية تمثلت بتلقي الشباب تدريبات حول أنواع الأخبار الزائفة وكيفية التحقق منها ، بعدها مرحلة عملية تمثّلت بإطلاق منصة “صحتك من صحة الخبر” على موقعي فايسبوك وإنستغرام في شهر نيسان من العام الماضي.
“صحتك من صحة الخبر”:مرجعا يصحّح الاخبار الكاذبة والشائعات
تؤكّد نيفين الرّيس من فريق عمل “صحتك من صحة الخبر” أنّ الهدف من المنصة هو خلق مرجع يساعد الناس على التمييز بين الأخبار الصحيحة والاخبار الكاذبة والشائعات.
زوّد الفريق يتقنيات واسعة من أجل التحقق من الخبر،فينوه حنّا النكد من فريق عمل المنصة بأنّه في حال تلقّى مقالا يتحقق اولا من كاتب المقال راجعا إلى حساباته الشخصية على مواقع التواصل الإجتماعي لأنّه بالغالب ينشر الكاتب مقالاته على هذه الحسابات وإن لم يجد المقال فيلجأ إلى إختيار عدد معيّن من الكلمات لبيحث عنها عبر جوجل.الآن،في حال وجد المقال في اكثر من موقع يقوم بالتحقق ما إذا نشر الموقع مقالات للكاتب في السابق.
على سبيل المثال،استغلّ البعض خوف الناس من إجراء فحص PCR فنشروا خبر يقول بانّ جامعة هارفارد أعلنت عن طريقة جديدة تستبدل PCR بقشرة الموز.وجد الفريق بأنّ الخبر غريبا فسارعوا إلى التحقق منه من خلال الدخول على موقعي منظمة الصحة العالمية وجامعة هارفارد،لم يجدوا أي خبر من هذا القبيل وبالتالي نشروا توضيحا ينفي الخبر.
كما زوّد الفريق بتقنيات تسمح له بالتحقّق من الصور والفيديوهات من خلال تعلّم تقنية قراءة image metada ،فأكّد الفريق في تاريخ 18 كانون الثاني بأنّ الصور التي انتسشرت على أنّها انفجار مخزن في حارة حريك مع وقوع ضحايا هي صور تعود إلى إنفجار في حارة حريك.
الاخبار الكاذبة والشائعات تعزز الصور النمطية
يعمل مؤلفو الأخبار الكاذبة على جعل الخبر في قالب منطقي قابل للتصديق ،مستغلّين الصور النمطية كداعم أساسي للخبر.فمثلا إذا أرادوا أن يكتبوا خبرا عن مدينة بعلبك يستغلّون الصور النمطية المؤكّدة على إستخدام السلاح المستمر مما يجعل الخبر عادي قابل للتصديق ولن يستغربه معظم القرّاء.
طرابلس مدينة رائعة من الداخل فيها جميع جوانب الحياة،لذا تعال وقم بزيارة طرابلس واصنع حكمك بناء على ما تراه وليس على ما تسمعه في وسائل الإعلام.
حنا النكد
فتطلّ علينا منصة “صحتك من صحة الخبر” بفيديوهات توعوية حول دور الاخبار الكاذبة والشائعات في تعزيز الصور النمطية مبتعدة عن التنظير والتوبيخ المستجّد في الإعلام اللبناني،فتتحدث عن النتائج ثمّ تعالج السبب. نشرت المنصة مؤخّرا فيديو عن مدينة “طرابلس” تتحدث فيه عن الافكار التي تجول في أذهاننا عند ذكر كلمة طرابلس كالمشاكل والقواص بسبب انتشار الأخبار الزائفة عن مشاكل بين أهل التبانة وجبل محسن.
الصعوبات لم تشكّل عائقا أمام الفريق
من جهة تنوّه نيفين بأنّ الناس تصدّق وتقتنع بالأخبار التي تصلها وخصوصا لدى الكبار في السنّ،بحيث ينشرون كل ما يصلهم دون إدراك تأثير هذه الأخبار الخطير على الصحة النفسية متجاهلين المصالح السياسية أو الإقتصادية التي قد تدفع البعض وحتّى الوسائل الإعلامية إلى خلق الأخبار الزائفة من جهة أخرى.
فضلا عن الكورونا التي بحسب كل حنا النكد حوّلت التدريب الفعلي على الأرض إلى تدريب أونلاين،بما في ذلك من صعوبة في لبنان بسبب إنقطاع الكهرباء المستمر وبطئ شبكة الإنترنت.
هذه الصعوبات لم تحول دون إكمال العمل بالمنصة فهي تمثّل بابا تغييريا يتمسك به فريق العمل ، فتؤكّد الريّس على قدرة الشباب التغيرية التوعوية داعية الشباب إلى بذل جهد من أجل التغيير في محيطهم ووطنهم متأمّلة بطاقاتهم الغير محدودة وبأحلامهم وأهدافهم بالرغم من صعوبة الوضع الحالي.
بالرغم من أنّ المنصة تلعب دورا مهما في محاربة الاخبار االكاذبة والشائعات إلا أنّ تواريخ نشرها يكون على فترات متقطّعة ،فآخر تاريخ نشر كان في 19 شباط مما يؤدي إلى إضعاف دورها ومنع وصولها إلى عدد أكبر من المتابعين.
لم يندم حنّا على إنضمامه في مثل هذا المشروع حيث اكتسب مفاهيم جديدة غيّرت رؤيته للأخبار ،فأصبح ينتبه للصور التي يصادفها على مواقع التواصل الإجتماعي فيشكّك بها ولا يسارع إلى نشرها قبل التحقّق منها.كما انّ نيفين لم تعد تنشر الأخبار التي تصلها دون أن تتحقق منها وتشعر بتقدير كبير لدورها التي باتت تتمتع به في منطقتها حيث تتلقّى على هاتفها أخبارا من الناس للتأكّد من صحتها.
