الرئيسية / مواقع التواصل / خطاب الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي
خطاب الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي
صورة من الانترنت: خطاب الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي

خطاب الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي

برلا يوسف

أصبح الجمهور من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، طرفًا مشاركًا في عملية إنتاج وتبادل المعلومات والأخبار.  وكان الهدف من هذه الوسائل، خلق فسحة من الحرية لمشاركة الآراء حول كافة المواضيع السياسية والاجتماعية، والقضايا الدولية والانسانية، وباب لفتح النقاشات وتبادل الأفكار، بهدف احداث تغييرات فكرية تسهم في ارتقاء المجتمع. إلا أن العكس قد ظهر، خاصة في أوقات الأزمات والنزاعات والتوترات السياسية، حيث تتحول المنصات الرقمية الى منبر للغة الرفض، الحقد، النبذ والتعصب ما يعرف بخطاب الكراهية.  

ما هو خطاب الكاهية؟

على الرغم من عدم وجود توصيف موحد لمفهوم خطاب الكراهية إلا أن الأمم المتحدة تعرّفه بأنه “أي نوع من التواصل سواء بالكلام أو الكتابة أو السلوك، يستخدم لغة تحقيرية أو تمييزية للاشارة إلى شخص أو مجموعة على أساس من هم، بمعنى آخر، على أساس الدين أو العرق أو اللون أو النسب أو الجنس أو أي عامل هوية آخر”. تحمل هذه الظاهرة إنتقاصًا للإنسان وكرامته الشخصية ما يتعارض مع المادتين الأولى والثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

خطاب الكراهية يشجع الجرائم على ارض الواقع

إنتشار الكراهية في العالم الإفتراضي ، يعود إلى انتقال المزيد من الأشخاص إلى هذا العالم، فينقل هؤلاء عنصريتهم وكراهيتهم من الواقع الى الفضاء الرقمي، إذ يجدون بالحرية الموجودة فرصة للتعبير بكل صراحة عن وجهات نظرهم التي تحمل العنف. ويمكن للمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، أن تحفّز الأشخاص على أعمال العنف في الحقيقة.

ولعل أبرز الأمثلة عن ذلك الإبادة الجماعية بحق مسلمي الروهينغا في ميانمار، إذ قالت بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة أن فايسبوك كان أداة مفيدة لنشر الكراهية بحق هذه الأقلية. فقد استخدم القادة العسكريون والقوميون البوذيون في ميانمار، وسائل التواصل الاجتماعي لتشويه سمعة أقلية الروهينغا المسلمة وشيطنتها قبل حملة التطهير العرقي وأثناءها. وعلى الرغم من أن الروهينغا كانوا يشكلون 2٪ من السكان ، إلا أن القوميين البوذيين لجأوا إلى نشر أخبارًا كاذبة في العالم الرقمي كزعمهم أن الروهينغا سيحلون قريبًا مكان الأغلبية البوذية كسبب لتبرير العنف بحقهم على أرض الواقع.

كورونا تبرز الكراهية عالميًا

أصبح مصطلح خطاب الكراهية شائعًا فقط خلال السنوات الثلاثين الماضية.  والاهتمام بهذه الظاهرة نما في السنوات الاخيرة نتيجة ازديادها في الفضاء الرقمي إضافة إلى انتشار مبادرات المجتمع المدني وحملات التوعية حول هذا الموضوع.

وفي عام 2020، تسبب انتشار فيروس كورونا بموجات من الخوف والقلق في جميع أنحاء العالم، وقد أدى ذلك إلى بروز الكراهية بحق الصينيين الذين تعرضوا للتمييز بسبب ظهور الفيروس أولاً في بلدهم. فحمّل البعض مسؤولية تفشي الوباء في الكرة الأرضية لهؤلاء. وخلال هذه الأزمة الصحية تنامى هذا النوع من الخطابات بسبب تمضية الأفراد معظم وقتهم على وسائل التواصل، فانتشر هاشتاغ #wuhanvirus و#chinaliedpeopledied. وفي هذين الهاشتاغين برزت عنصرية المستخدمون، فبالهاشتاغ الأول لم يسموا الوباء باسمه بل بالمدينة التي بدأ فيها، وبالثاني حمّلوا الصّين مسؤولية وفاة أعداد كبيرة من الأشخاص بسبب إخفائهم كوفيد19 في بداية انتشاره.

وفي الوقت عينه، تعرض الآسيويون في جميع أنحاء العالم للهجمات العنصرية والضرب والتنمر العنيف والتهديدات والإساءة والتمييز. ما دفع الشباب الآسيويون في فرنسا مثلاً الى اطلاق هاشتاغ jenesuispasunvirus# أي أنا لست فيروسًا، تعبيرًا عن انزعاجهم من التمييز الذي طالهم. وتُرجم الهاشتاغ بسرعة إلى الإنجليزية والألمانية والإيطالية والإسبانية، حيث تفاعل المستخدمون مع هذا الهاشتاغ لمشاركة المواقف التي تعرضوا فيها للتمييز والعنصرية.

https://twitter.com/JC_Barre_/status/1327308971049365506

المنصات الرقمية على خط المواجهة

فرض تويتر وفايسبوك سياسات تحظّر خطاب الكراهية. ومن خلال ذلك يهدفان إلى خلق بيئة آمنة للمستخدمين، تمكنهم من التعبير بحرية بغض النظر عن هوياتهم وخلفياتهم وانتمائاتهم المتنوعة ما يحميهم من الوقوع ضحايا هذا الخطاب. من خلال هذه السياسات أصبح بامكان المستخدمين التبليغ عن أي محتوى يحمل لغة تمييزية وتحقيرية أو تحفيزًا على العنف بحق أي شخص أو جماعة فتتحرك المنصة وتحذف المنشور. وكذلك انستغرام كباقي المنصات لكن بطريقة أكثر صرامة، إذ تحذف تلقائيًا أي محتوى يعارض سياستها في مكافحة هذه الآفة حتى لو لم يتم التبليغ عنه. ففي عام 2020، بين شهري تموز وأيلول طبقت المنصة إجراءات بحق 6.5 مليون منشور، وفي 95% منها تحرك التطبيق قبل أن يبلغ أي شخص عنها.

انستغرام تكافح خطاب الكراهية
الرسالة التي تتلقاها من انستغرام عند نشر محتوى فيه نوع من الكراهية

تعتبر هذه الخطوة، بداية الطريق للوصول الى استخدام صحيح لمواقع التواصل والقضاء على الخطابات العنصرية. أما من جهة ثانية يقع على المستخدمين مسؤولية مواجهة هذه الظاهرة من خلال عدم التردد في الابلاغ وكذلك عدم نشر أي محتوى مسيء.

خطاب الكراهية على الانترنت

عن برلا يوسف

برلا يوسف، حائزة على اجازة في الصحافة من الجامعة اللبنانية-كلية الاعلام. وحاليًا طالبة ماجيستر في السنه الثانية، صحافة رقمية.
x

‎قد يُعجبك أيضاً

وسائل التواصل الاجتماعي

وسائل التواصل الإجتماعي: أكبر وسيلة تسويق رقميّة معاصرة

ثمّة تزامن ما بين التطوّر المعلوماتيّ الهائل الذي طرأ على الفضاء الرقميّ وعملية التسويق الإعلانية ...