الرئيسية / أخلاق إعلامية / انتهاك حقوق الطفل لدى نشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي

انتهاك حقوق الطفل لدى نشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي

ألاء عيسى

تطورت أساليب انتهاك حقوق الطفل مع تطور التكنولوجيا، إذ بات المستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي يتسابقون على تناقل الاخبار ونشر الصور على تنوعها، والتسارع لنشر القضايا التي تحدث جدلاً بين الناس. وقد سهلت هذه المواقع عملية نشر صور الأطفال من دون الإنتباه للمخاطر التي قد تنجم عنها، الذي من شأنه أن يشكل انتهاكاً واضحاً لحقوق الأطفال والتعدي على خصوصيتهم.

  مخاطر نشر صور الاطفال
  • تحتفظ كل مواقع التواصل الاجتماعي بالصور حتى لو تم حذفها أو تم مشاركتها مع جمهور محدد، فمن خلال الخوارزميات يمكن استرجاعها وهذا يؤثر سلباً على مستقبل الطفل
  • يمكن أن يتعرضوا إلى الاختطاف الرقمي، وهو نوع من سرقة الهوية ويعاد توظيفها بأسماء وهويات مختلفة وجديدة
  • استخدام الصور بطريقة سيئة مما يشكل انتهاكا لخصوصيته بدون وعي أو ادراك لآثارها السلبية التي لا تظهر سوى عندما يصل إلى مرحلة معينة من البلوغ
  • تستخدم للإساءة عندما تنشر الصورة مع تحديد هويته وعند وصوله مرحلة معينة(المدرسة)يتعرض للتنمر من قبل الآخرين أو بإعادة نشر الصور
  • وجود مجموعات سرية يديرها رجال ذوي ميول جنسية شاذةٍ تسرق صور الأطفال وتحولها لمادة إباحية
 انتهاك حقوق الطفل على وسائل التواصل الاجتماعي

من مظاهر انتهاك حقوق الطفل، انتشار صورة الطفلة جودي ذات العامين التي توفي والديها بحادث سير بآواخر سنة 2020 على أوتستراد الأسد باتجاه الجنوب، واصابتها بجروح طفيفة، ما أدى إلى نقلها بسيارة الصليب الأحمر اللبناني، والتقاط صورة لها في حضن المسعف “زياد بكار” وانتشار هذه الصورة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي وفي التقارير التلفزيونية.

وقد لاقت الصورة انتشاراً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة في لبنان، حيث شاركها حوالي ١٢٨١ شخص وتم عرضها على معظم الصفحات الإخبارية. كما تم عرض تقارير تلفزيونية على مختلف المحطات اللّبنانية مثل الجديد والمحطات العربية مثل سكاي نيوز العربية والقناة الأولى المصرية، التي أظهرت هذه الصورة الشهيرة بدون تغطية وجه الطفلة ومراعاة خصوصيتها.

الطفلة جودي مع المسعف

كما تم انتهاك حقوق الطفل حيدر حسين مصطفى من خلال نشر العديد من الصور والفيديوهات له بعدما فقد والديه جرّاء إنفجار برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت عام ٢٠١٥. إذ  بدأت وسائل الإعلام إجراء المقابلات معه بعد نقله مباشرةً إلى المستشفى على الرغم من أن عمره كان ٣ سنوات فقط. ولقد لاقت صوره وفيديوهاته رواجاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي حتى وصلت إلى العالمية.

الطفل حيدر في المستشفى

وفي إحدى المقابلات، صرح أقارب الطفل حيدر بأن نجمه المفضل هو لاعب كرة القدم كريستيانو رونالدو وهو يحلم CristianoMeetHaidar# بلقائه. جراء ذلك انطلقت حملة  على وسائل التواصل الاجتماعي مستعملة هاشتاغ بهدف تحقيق حلم الطفل حيدر بمقابلة رونالدو. وبالفعل التقى حيدر برونالدو في العاصمة الاسبانية مدريد، ليظهر بذلك على شاشات التلفزيون العالمية، ونشهد بالتالي انتهاكاً أوسع لحقوقه .

حيدر مع رونالدو في مدريد

بعد مرور خمس سنوات على الحادث، لم يسلم حيدر من ظاهرة انتهاك حقوق الطفل. إذ تم عرض تقرير عنه في برنامج طوني خليفة في ١٦ كانون الأول السابق بعنوان “هل تذكرون الطفل حيدر الذي فقد والديه في انفجار برج البراجنة؟ أين أصبح اليوم؟”. عادت معدة التقرير بتول عبدالله بالذاكرة إلى نهار الحادث ومشاهد وجود الطفل في المستشفى. ثم تم اصطحابه هو وعمته إلى بيت أهله حيث تحدث الطفل حيدر عن والديه ونهار الإنفجار .

لمشاهدة مقابلة الطفل حيدر مع طوني خليفة الرجاء الضغط على الرابط أدناه

https://www.facebook.com/AlJadeedOnline/videos/801685790399428/

  موقف القانون من انتهاك حقوق الطفل

إن حظر النشر في هذه القضية مستمدٌ من القانون وعلى وجه الخصوص المادة 9 البند الثاني من قرار بقانون رقم (4) لسنة 2016 بشأن حماية الأحداث، والتي نصّت:

يحظر نشر إسم وصورة الحدث أو أي معلومة تدل على شخصية أو نشر وقائع التحقيق أو المحاكمة أو ملخصها في أي وسيلة من وسائل النشر،ويجوز للمحكمة السماح بنشر الحكم النهائي على ألا يذكر فيه سوى الأحرف الأولى من إسم الحدث.

ومن يخالف في ذلك يحيل النائب العام ملفه إلى المحكمة وتطبق أحكام المادة (59) من قانون حماية الحدث التي تنص على أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة مالية أو بإحدى العقوبتين كل من نال أو حاول النيل من الحياة الخاصة للحدث،سواء كان ذلك بنشر أو أو ترويج ملخص الجلسات والقرارات الصادرة عن الهيئات القضائية أو أخبار تتعلق بالجلسات التي تعالج فيها قضايا الأحداث،وذلك بواسطة الكتب أو الصحافة أو الإذاعة أو التلفزة أو السينما أو بأي وسيلة أخرى أو  بنشر صور من شأنها أن تطلع العامة على هوية الطفل متهماً كان أو متضرراً مع “مصادرة المطبوعة أو أي منصة نشرت فيها .

إذاً، إن القانون اللبناني يعاقب كل من يقوم بانتهاك حقوق الطفل من خلال عرض مادة تنال من حياته الشخصية، إن كانت صوراً أو مقاطع فيديو أو غيرها من الوسائط. ولكن كما نرى، ليس هناك تطبيق فعلي لهذه العقوبات على أرض الواقع وهذا ما يساهم في حصول المزيد من الانتهاكات.

إن حماية حقوق الطفل وخصوصيته يجب أن تكون من الأولويات في جميع دول العالم. لا بد من العمل بجدية على منع انتهاك حقوق الطفل والقيام بالتطبيق الفعلي للعقوبات التي نصّ عليها القانون بحق من يقوم بمثل هذه الانتهاكات. استغلال صور الأطفال أمر لا يغتفر، إن تضامنك الانساني مع قضايا الأطفال لا يخولك خرق خصوصيتهم عبر نشر صورهم، لأنك بهذا الفعل ستشارك في انتهاك حقوقهم.

عن آلاء عيسى

آلاء عيسى، 22 سنة حائزة على شهادة في الصحافة من الجامعة اللبنانية وطالبة ماجيستر سنة ثانية إعلام رقمي
x

‎قد يُعجبك أيضاً

زلزال تركيا

الاخبار الزائفة حول زلزال تركيا وسوريا: تضليل ورعب!

منذ 6 شباط حين وقع زلزال تركيا و سوريا وحتى اليوم، ينتشر على مواقع التواصل ...