غنوه فهد وربيع يونس
“كالأقراص المهدئة للأعصاب”، يحاول الكوميديون اللبنانيون، ومن خلال الكوميديا الإعلامية، معالجة قضايا حساسة تتعلق بمشاكل الناس والمجتمع باستخدام أسلوب فني جذاب والإنتقاد الذكي للهفوات والعيوب.
ولكن، برزت مؤخرًا مواقف مناهضة لهذه البرامج الكوميدية على قنوات التلفزة اللبنانية، بحيث اعتبرها البعض أنها تعمل على هدم هيبة الرموز الدينية وكسر المحظورات على الشخصيات السياسية والإجتماعية والدينية. مما أثار موجة إنتقادات وإنقسامات في صفوف اللبنانيين.
1- “لبنان بخطر”… الى العصر الحجري درّ؟
وآخر هذه المواقف، الهجوم الذي تعرض له برنامج “تعا قلو بيزعل” الذي يعرض على قناة الـ
LBCI وممثليه حسين قاووق ومحمد الدايخ بعد عرض مشهد كوميدي اعتبره البعض مهين للطائفة الشيعية.
وتعليقًا على هذه الحادثة، أشار الكوميدي اللبناني ماريو باسيل إلى أنه “يحب الكوميديا التي يقدمها حسين وزملاؤه”، وقال: “حزنت على كمية الهجوم التي تعرضوا لها”، مضيفًا أن “الشباب “شاغلين” على نظريات معينة، والناس الذين تهجموا عليهم يمتلكون عقل جاهل ورجعيين”.
وأعرب ماريو باسيل عن قلقه إزاء هكذا أحداث: “لبنان بخطر و”عم نرجع للعصر الحجري”، فمن بعد أن كنّا أكثر الشعوب إنفتاحًا ومنارة لكلّ العرب أصبحنا مقبرة”. وتابع: “جميع الناس خسرت أموالها في المصارف وانسرقت، ولم يعد لديهم إلا الكوميديا لتبسطهم، “يعني حتى الضحكة أصبحت ممنوعة؟”.
واعتبر أنه ” يفترض على الكوميدي أن يضوي على المشاكل والعيوب للمجتمع ويضحك عليها، أي أن يكون مرآة لتكبير أشياء في المجتمع، فعلى الشخص أن يرى الأخطاء الموجودة ويقوم بتصليحها، أو إنتقادها لتوصيل الرسالة، وهناك إستنتاجات فرنسية تقول أنه يجب أن نتطرق إلى المحرمات”.
وأكد أن “الكوميدي يفيد المجتمع، ويجب على الجميع تقبلهم ومراعاتهم وألا نتهجم عليهم”.
2- الكوميديا تغيرت مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي؟
مع إنتشار قنوات وصفحات الكوميديا عبر مواقع التواصل الإجتماعي التي تقوم بنقد السياسيين والقضايا الإجتماعية والدينية، اعتبر الكوميدي ماريو باسيل أن “الكوميديا تغيرت مع إنفتاح مواقع التواصل الإجتماعي، فأصبح بإمكان الجميع أن يعبر عن أفكاره”، مضيفًا: “صار في خبيصة على السوشيال ميديا”.
وعن إمكانية أن تكون الأعمال الكوميدية تخدم أهداف القائمين عليها، فقال: “الكوميديا ضحية جهل وقلة عقل، وليس أجندة سياسة، و”العالم فايتين كثير بالدين وفاهمينه بالقلب”، لافتًا إلى أن “الخبرة تلعب دورًا كبيرًا، فأنا أعلم أن هذا المشهد سيؤدي إلى متاعب وأعلم كيف أوصل الرسالة للناس من دون مشاكل”.
3- الكوميديا في لبنان بمأزق…
ولن يخفى على أحد أن الكوميديا في لبنان تشهد تراجعًا خصوصًا على المحطات التلفزيونية، ويعود سبب هذا الوضع إلى “المبالغ المالية الضئيلة التي تعطى من قبل البرامج التلفزيونية، وأيضًا قلة الإنتاجية”، بحسب ماريو باسيل. فللأسف وضع التلفاز أصبح الآن “مزري”، على حدّ تعبيره.
وشدّد على ضرورة أن “يشجع المجتمع كل شخص يقدم برنامج على التلفاز لأن الأيام الآن صعبة والمبالغ المالية التي تعطى لهم ليست بجيدة، وهناك الكثير من الأشياء تعيق نجاح الفنان وتخيفه”.
وتوجه برسالة إلى “الكوميديين”، قائلاً: “يعطيكم العافية، لا تيأسوا وتشجعوا وتابعوا عملكم لإضحاك الناس، لأن اللبنانيين بحاجة للفرح وخاصة في هذه الأوضاع الصعبة، لأنها تخفف الضغط النفسي، و”كل حدا بيخلق البسمة على وجوهنا بيكون عم بساوي خير”.
وماريو باسيل ممثل لبناني، عمل في مجال الإعلانات والعروض المسرحية والتلفزيونية، حيث قام بأداء أدوار كوميدية لسنوات في البرنامج التلفزيوني “منع في لبنان”، كما سجل نجاحًا كبيرًا في عالم التمثيل في العديد من المسرحيات الكوميدية ذات الطابع الإنتقادي حيث تتناول معظم مسرحياته الواقع السياسي والإجتماعي. وأولى إطلالاته التلفزيونية بالكوميديا كانت عام 1992، وكان إعلانه الأول عن الجنس، ومنع من البث من وزير الإعلام حين ذاك.