الرئيسية / سلامة رقمية / ما وراء الجمال الافتراضي… فيلتر bold glamour يهدد الصحة النفسية!
استخدام فيلتر bold glamour
امرأة تستخدم فلاتر التجميل

ما وراء الجمال الافتراضي… فيلتر bold glamour يهدد الصحة النفسية!

تتيح مواقع التواصل الاجتماعي لمستخدميها خيار تغيير ملامح وجههم والتعديل في مظهرهم باستخدام مروحة واسعة من “الفلاتر”، وآخر ما ابتدعه تطبيق تيك توك هو  فيلتر bold glamour الذي أحدث ضجة في المنصات حول العالم.

هذا الفيلتر ليس كغيره من الفلاتر، فهو يتمتع بقدرة مثيرة للاستغراب على “تجميل” المظهر وتحويل أي شخص الى عارض/ة أزياء، كما أنه نُفذ بتقنيات تكنولوجية متطورة تجعله طبيعي وحقيقي للغاية. لذا كثَر الحديث عن إمكانية تسببه باضطرابات نفسية لدى المستخدمين. فما صحة هذه الاعتبارات؟ وماذا يقول العلم عن هذا الفيلتر الرائج؟

يظهر تطبيق تيك توك أن هاشتاغ bold glamour حقق نحو 370 مليون مشاهدة وذلك بعد أن تم إطلاقه مطلع العام الحالي. واللافت أن ردة فعل مستخدمي هذا الفيلتر جاءت متشابهة في معظم الأحيان، فلدى اعتماد الفيلتر المذكور فوجئ الأغلبية بقدرته على تنقية البشرة ورفع الحواجب، إضافة الى نفخ الشفاه وتحديد الخدود بطريقة يعجز عنها المكياج، ليصابوا بعدها بالخيبة عند إزالة الفيلتر والعودة الى الكاميرا العادية التي تُظهر الملامح على حقيقتها.

بدعة جديدة من الذكاء الاصطناعي!

إن فيلتر bold glamour ليس الأول في عالم مواقع التواصل الاجتماعي، فقد شهدت تطبيقات مثل انستغرام وسناب شات على انتشار العديد من الفلاتر خلال السنوات الماضية، لكن ما يميّز هذا الفيلتر عن غيره هو أنه نموذج جديد عن تقنيات الذكاء الاصطناعي. فكيف يعمل على المستوى التقني؟ وكيف يحصل من يستخدمه على النتائج المبهرة على الشاشة؟

في الواقع يقوم فيلتر bold glamour ، الذي يعتمد على تقنية الـmachine learning  أو تلقين الآلة، على أخذ قياسات وتفاصيل من وجه المستخدم ويقارنها بمجموعة كبيرة من الوجوه الجميلة الأخرى الموجودة لديه ضمن ما يشبه قاعدة بيانات، لتقوم الخوارزميات الخاصة بهذا الفيلتر من بعدها بتحديد كيفية تعديل صورة الوجه وإعادة تكوينه عبر تغيير إشراقة العينين مثلاً، وإعادة تشكيل الفك وإعطاء البشرة مظهر الكونتورينغ، مما يجعل الشخص يبدو أكثر جاذبية ومن دون “شوائب”.

والجدير ذكره أن هذا البرنامج نُفذ بحرفية عالية تجعله واقعي للغاية ويصعب ملاحظة استخدامه في الفيديوهات أو الصور، فهو قادر على التناغم مع حركة الوجه وتعابيره مهما حاول المستخدم أن يضع يده على وجهه أو يلتفت يميناً ويساراً. ففي كل الحالات سيبقى الفيلتر “ملتصقاً” على وجهه وكأنه بات شكله الحقيقي

لمَ لا؟

قد يرى البعض أنه من البديهي أن يلقى فيلتر bold glamour  رواجاً واسعاً على تطبيق تيك توك لأنه، بنظر مؤيديه، قد يقيهم من أهوال الخضوع لعمليات التجميل في الحقيقة، بينما يحسّن من مظهرهم في الواقع الافتراضي، والذي للمفارقة بات مرجعاً في الحياة الواقعية وذات أهمية أكبر بنظر معظم الناس.

لذا فإن فيلتر bold glamour بات البديل الأقل تكلفة من عمليات التجميل، وذات النتائج الفورية والمضمونة في كل الأحوال، فهو يعطي المرء النسخة الأجمل عن نفسه مهما كانت ظروفه أو شكله الفعلي.

إضافةً الى كل ما تقدّم، لا بد من الإشارة الى أن الجدلية تحوم حول هذا الفيلتر لكونه يعطي المستخدم لمحة عن الشكل الذي “يجدر أن يتحلّى به” كي يُعتبر حسن المظهر، بمعنى آخر يضع فيلتر bold glamour الجمال الخارجي للأفراد ضمن قالب موحّد ويعطي ملامح النساء كما الرجال معايير جمالية واحدة. وهذا ما يجعله متعارضاً مع تعريف الجمال الداخلي، ونسبية الجمال، واختلاف معايير الجمال بين شعب وآخر أو قارة وأخرى.

الخطر يهدد الصحة النفسية

لا شك أن استخدام فلاتر التجميل يُعد أمراً ممتعاً لرواد مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه يتمتع بجانب مظلم وحقيقة مقلقة خصوصاً لناحية تأثيره على الصحة النفسية. فقد أظهرت إحدى الدراسات أن رؤية الفرد لأشخاص غير واقعيي الجمال unrealistically beautiful people يجعله يشعر أنه أقل جاذبية من غيره، وهذا التأثير يمكن أن يكون مضاعفاً إذا كان الشخص الذي ينظر إليه عبر الشاشة هو عبارة عن النسخة “الأجمل” عن نفسه. فهنا تتأثر الصحة النفسية وثقة الفرد بشكل دراماتيكي نتيجة التعديل في مظهره الخارجي من خلال تطبيقات الـphotoshop  أو فلاتر التجميل الفورية على مواقع التواصل الاجتماعي ومن ضمنها فيلتر bold glamour.

في السياق نفسه، وجدت دراسة لجامعة فليندرز – استراليا أن صورة السيلفي المعدّلة تؤدي الى انخفاض نسبة رضا الفرد عن نفسه وعن شكل وجهه، وهذا الأمر غالباً ما يجعله يقع في دوامة المزاج السيء والأفكار السلبية. وبالتالي فإن هذه التكنولوجيا يمكن أن تجسّد التناقض الكبير بين الواقع والافتراض، مما ينعكس سلباً على نظرة الشخص لنفسه وتحدث خللا في الثقة بالنفس.

والأسوأ من ذلك أن المراهقات والفتيات الصغيرات يعتبرن من أبرز ضحايا فلاتر التجميل، خصوصاً أنهن متواجدات على منصات التواصل من دون إشراف يُذكر من قبل الأهل في معظم الأحيان، وبالتالي يتعرّضن لكافة أنواع الـtrends من دون أن يعين مخاطرها على الصحة النفسية. لذلك من واجب أولياء الأمر والمدارس ومتخصصو الصحة النفسية في المؤسسات التربوية أن ينشروا التوعية والأهم أن يرسخوا مبدأ حب الذات والجمال الطبيعي في أذهان الناشئين.

إقرأ المزيد على المراقب: تطبيق BeReal في مواجهة تزييف وسائل التواصل الاجتماعي

عن يارا بو فخر الدين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الأمن السيبراني يعتبر من أهم المواضيع التي تشغل الأفراد والشركات، الحكومات والدول

الأمن السيبراني – كيف يخلق المتسللون فرصًا للمتخصصين

الأمن السيبراني هو ممارسة حماية أجهزة الكمبيوتر والشبكات وتطبيقات البرامج